كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ: يُسَلِّمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ. فَأَمَّا الشَّابَّةُ: فَلَا تَنْطِقُ. قَالَ الْقَاضِي: إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مِنْ خَوْفِهِ الِافْتِتَانَ بِصَوْتِهَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ. وَعَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ: يَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بِسَمَاعِهِ، وَلَوْ بِقِرَاءَةٍ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَالرِّعَايَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الْقَاضِي: يُمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ سَمَاعُ صَوْتِهَا بِلَا حَاجَةٍ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، فِي كِتَابِ النِّسَاءِ لَهُ سَمَاعُ صَوْتِ الْمَرْأَةِ مَكْرُوهٌ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا: يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَخْفِضَ مِنْ صَوْتِهَا إذَا كَانَتْ فِي قِرَاءَتِهَا إذَا قَرَأَتْ بِاللَّيْلِ. وَمِنْهَا: إذَا مَنَعْنَا الْمَرْأَةَ مِنْ النَّظَرِ إلَى الرَّجُلِ، فَهَلْ تُمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهِ. وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ سَمَاعِ صَوْتِهَا؟ . قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِهِ يَؤُمُّ أَهْلَهُ. أَكْرَهُ أَنْ تَسْمَعَ الْمَرْأَةُ صَوْتَ الرَّجُلِ. قَالَ ابْنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ، فِي نُكَتِهِ: وَهَذَا صَحِيحٌ. لِأَنَّ الصَّوْتَ يَتْبَعُ الصُّورَةَ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا مَنَعَ مِنْ النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ مَنَعَ مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهَا. كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لَمَّا مُنِعَتْ مِنْ النَّظَرِ إلَى الرَّجُلِ مُنِعَتْ مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهِ.
[قَالَ ابْنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ فِي نُكْتَةِ: لَمْ تَزَلْ النِّسَاءُ تَسْمَعُ أَصْوَاتَ الرِّجَالِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ ظَاهِرٌ] . وَمِنْهَا: تَحْرُمُ الْخَلْوَةُ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ لِلْكُلِّ مُطْلَقًا. وَلَوْ بِحَيَوَانٍ يَشْتَهِي الْمَرْأَةَ وَتَشْتَهِيهِ هِيَ، كَالْقِرْدِ وَنَحْوِهِ.

الصفحة 31