كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْعُمْدَةِ.

فَائِدَةٌ:
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ خَطَبَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ وَلِيُّهَا لِرَجُلٍ ابْتِدَاءً. فَأَجَابَهَا: فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحِلَّ لِرَجُلٍ آخَرَ خِطْبَتُهَا، إلَّا أَنَّهُ أَضْعَفُ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْخَاطِبُ. وَنَظِيرُ الْأُولَى: أَنْ تَخْطُبَهُ امْرَأَةٌ، أَوْ وَلِيُّهَا، بَعْدَ أَنْ يَخْطُبَ هُوَ امْرَأَةً. فَإِنَّ هَذَا إيذَاءٌ لِلْمَخْطُوبِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. كَمَا أَنَّ ذَاكَ إيذَاءٌ لِلْخَاطِبِ. وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ قَبْلَ انْعِقَادِ الْعَقْدِ. وَذَلِكَ كُلُّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَرَامًا.
فَائِدَةٌ أُخْرَى:
لَوْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ: احْتَمَلَ أَنْ يَحْرُمَ عَلَى غَيْرِهِ خِطْبَتُهَا كَمَا لَوْ خَطَبَ فَأَجَابَتْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْرُمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْطُبْهَا أَحَدٌ. قَالَ ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا دَلِيلٌ مِنْ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ سُكُوتَ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ لَيْسَ بِإِجَابَةٍ بِحَالٍ.

قَوْلُهُ (وَالتَّعْوِيلُ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَابَةِ عَلَيْهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً) . بِلَا نِزَاعٍ (وَإِنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً: فَعَلَى الْوَلِيِّ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، سَوَاءٌ رَضِيَتْ، أَوْ كَرِهَتْ. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيِّ. صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي. وَابْنُ عَقِيلٍ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: لَوْ أَجَابَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ، فَكَرِهَتْ الْمُجَابَ. وَاخْتَارَتْ

الصفحة 37