كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] لَا تُهْدِ لِتُعْطَى أَكْثَرَ: هَذَا الْأَدَبُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً، وَأَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَى أُمَّتِهِ فِي ذَلِكَ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: خُصَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَاجِبَاتٍ، وَمَحْظُورَاتٍ، وَمُبَاحَاتٍ، وَكَرَامَاتٍ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ خُصَّ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. قَالَ ابْنُ بَطَّةَ: كَانَ خَاصًّا بِهِ. كَذَا أَجَابَ الْقَاضِي. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَاتَهُ قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ كَصَلَاتِهِ قَائِمًا خَاصٌّ بِهِ. قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِنَبِيٍّ مَالٌ، أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ. وَقِيلُ الْقَاضِي: الزَّكَاةُ طُهْرَةٌ، وَالنَّبِيُّ مُطَهِّرٌ؟ قَالَ: بَاطِلٌ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، ثُمَّ بِالْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ مُطَهَّرُونَ. وَلَوْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ لَزِمَتْهُمْ الزَّكَاةُ

الصفحة 44