كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَتَحْرِيمُ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا الْأَبُ اسْتَفَدْنَاهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ وَالسُّنَّةِ. وَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ فِي الْجُمْلَةِ. وَقِيلَ: هُوَ مُشْتَرَكٌ، يَعْنِي: أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ. وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ. قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُحَرَّرِ: قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْجَامِعُ الْكَبِيرُ. قَالَ ابْنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ: الْأَشْبَهُ بِأُصُولِنَا وَمَذْهَبِنَا: أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ جَمِيعًا فِي الشَّرِيعَةِ؛ لِقَوْلِنَا بِتَحْرِيمِ مُوطَأَةِ الْأَبِ مِنْ غَيْرِ تَزْوِيجٍ، لِدُخُولِهَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] وَذَلِكَ لِوُرُودِهَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ. وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ: الْحَقِيقَةُ. قَالَ ابْنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ، قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: النِّكَاحُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ وَالْعَقْدِ جَمِيعًا. وَقَالَهُ أَبُو حَكِيمٍ. وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ. وَهُوَ مِنْهَا. وَقِيلَ: هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا مَعًا. فَلَا يُقَالُ: هُوَ حَقِيقَةٌ عَلَى أَحَدِهِمَا بِانْفِرَادِهِ. بَلْ عَلَى مَجْمُوعِهِمَا. فَهُوَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُتَوَاطِئَةِ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ بِاعْتِبَارِ مُطْلَقِ الضَّمِّ. لِأَنَّ التَّوَاطُؤَ خَيْرٌ مِنْ الِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ؛ لِأَنَّهُمَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ. انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ جَمِيعًا. وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَخَصَّ مِنْهُ بِالْآخَرِ. انْتَهَى.
مَعَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الِاشْتِرَاكَ. وَقَالَ فِي الْوَسِيلَةِ: كَمَا قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَذَكَرَ: أَنَّهُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَذَلِكَ. انْتَهَى.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاشْتِرَاكِ وَالتَّوَاطُؤِ: أَنَّ الِاشْتِرَاكَ يُقَالُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

الصفحة 5