كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

وَعَنْهُ: لَا يَبْطُلُ. وَعَنْهُ: لَا يَبْطُلُ مَعَ غَيْبَةِ الزَّوْجِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَخَذْت هَذِهِ الرِّوَايَةَ مِنْ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فِي رَجُلٍ مَشَى إلَيْهِ قَوْمٌ، فَقَالُوا " زَوِّجْ فُلَانًا " فَقَالَ " قَدْ زَوَّجْته عَلَى أَلْفٍ " فَرَجَعُوا إلَى الزَّوْجِ، فَأَخْبَرُوهُ. فَقَالَ " قَدْ قَبِلْت " هَلْ يَكُونُ هَذَا نِكَاحًا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَشْكَلَ هَذَا النَّصُّ عَلَى الْأَصْحَابِ. فَقَالَ الْقَاضِي: هَذَا حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ. قَالَ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ وَكَّلَ مِنْ قِبَلِ الْعَقْدِ عَنْهُ، ثُمَّ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَأَمْضَاهُ. وَرَدَّهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَ: رِوَايَةُ أَبِي طَالِبٍ تُعْطِي أَنَّ النِّكَاحَ الْمَوْقُوفَ صَحِيحٌ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَدْ أَحْسَنَ ابْنُ عَقِيلٍ. وَهُوَ طَرِيقَةُ أَبِي بَكْرٍ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ تَرَاخِيًا لِلْقَبُولِ. وَإِنَّمَا هُوَ تَرَاخٍ لِلْإِجَازَةِ.

تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَشُرُوطُهُ خَمْسَةٌ أَحَدُهَا: تَعْيِينُ الزَّوْجَيْنِ) . لَوْ خَطَبَ امْرَأَةً فَأَوْجَبَ لَهُ النِّكَاحَ فِي غَيْرِهَا، فَقَبِلَ يَظُنُّهَا مَخْطُوبَتَهُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. وَهُوَ صَحِيحٌ نَصَّ عَلَيْهِ.
فَائِدَةٌ:
قَوْلُهُ (فَإِذَا قَالَ: زَوَّجْتُك بِنْتِي، وَلَهُ بَنَاتٌ: لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يُشِيرَ إلَيْهَا، أَوْ يُسَمِّيَهَا، أَوْ يَصِفَهَا بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ: صَحَّ) . بِلَا نِزَاعٍ فِي ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ. لَكِنْ لَوْ عَيَّنَا فِي الْبَاطِنِ وَاحِدَةً، وَعَقَدَا عَلَيْهَا الْعَقْدَ بِاسْمٍ غَيْرِ مُتَمَيِّزٍ، نَحْوَ أَنْ يَقُولَ " بِنْتِي " وَلَهُ بَنَاتٌ، أَوْ يُسَمِّيهَا بِاسْمٍ وَيَنْوِيهَا فِي الْبَاطِنِ غَيْرَ مُسَمَّاةٍ. فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ. اخْتَارَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: الصِّحَّةَ. وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْقَاضِي أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْبُطْلَانَ؛ وَمَأْخَذُهُ: أَنَّ النِّكَاحَ يُشْتَرَطُ لَهُ الشَّهَادَةُ. وَيَتَعَذَّرُ الْإِشْهَادُ عَلَى النِّيَّةِ.

الصفحة 51