كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

وَقَالَ فِي الْمُغْنِي، وَتَبِعَهُ فِي الشَّرْحِ: وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَمْلِكَ تَزْوِيجَهَا، إنْ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ: إنَّ عِلَّتَهَا تَزُولُ بِتَزْوِيجِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ مَصَالِحِهَا.
الثَّانِيَةُ: تُعْرَفُ شَهْوَتُهَا مِنْ كَلَامِهَا، وَمِنْ قَرَائِنِ أَحْوَالِهَا، كَتَتَبُّعِهَا الرِّجَالَ وَمَيْلِهَا إلَيْهِمْ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ.
الثَّالِثَةُ: إنْ احْتَاجَ الصَّغِيرُ الْعَاقِلُ، وَالْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ، الْبَالِغُ إلَى النِّكَاحِ: زَوَّجَهُمَا الْحَاكِمُ بَعْدَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ فِيهِمَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ فِي الْمَجْنُونِ. وَظَاهِرُ الْإِيضَاحِ: لَا يُزَوِّجُهُمَا أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَحْتَاجَا إلَيْهِ. فَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ عَنْ الْمَجْنُونِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَقِيلَ: يُزَوِّجُهُمَا الْحَاكِمُ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ فِيهِمَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ فِي الْمَجْنُونِ.

تَنْبِيهَاتٌ:
أَحَدُهُمَا: أَلْحَقَ فِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ جَمِيعَ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ بِالْحَاكِمِ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِهِمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَالْخِلَافُ مَعَ عَدَمِهَا. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ مَخْصُوصَةٌ بِالْحَاكِمِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، إلَّا أَنَّهُمَا قَالَا: يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ تَزْوِيجُهُ إذَا قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ: إنَّ فِي ذَلِكَ ذَهَابَ عِلَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ مَصَالِحِهِ. الثَّانِي: الْمُرَادُ هُنَا مُطْلَقُ الْحَاجَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْحَاجَةُ لِلنِّكَاحِ أَوْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ أَطْلَقَ الْحَاجَةَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ.

الصفحة 61