كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فَيَصِحُّ تَزْوِيجُ الْفَاسِقِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الطِّفْلَ، وَالْعَبْدَ، وَالْكَافِرَ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْفَاسِقَ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَكْفِي مَسْتُورُ الْحَالِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَحَمَلَ صَاحِبُ التَّصْحِيحِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقِيلَ: تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
تَنْبِيهٌ:
مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ: فِي غَيْرِ السُّلْطَانِ. أَمَّا السُّلْطَانُ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَزْوِيجِهِ الْعَدَالَةُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَأَجْرَى أَبُو الْخَطَّابِ الْخِلَافَ فِيهِ أَيْضًا.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: اُشْتُرِطَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَغَيْرِهِمْ: الرُّشْدُ فِي الْوَلِيِّ. وَاشْتُرِطَ فِي الْوَاضِحِ: كَوْنُهُ عَارِفًا بِالْمَصَالِحِ، لَا شَيْخًا كَبِيرًا جَاهِلًا بِالْمَصْلَحَةِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " الرُّشْدُ " هُنَا: هُوَ الْمَعْرِفَةُ بِالْكُفْءِ وَمَصَالِحِ النِّكَاحِ لَيْسَ هُوَ حِفْظَ الْمَالِ. فَإِنَّ رُشْدَ كُلِّ مَقَامٍ بِحَسْبِهِ. وَاشْتَرَطَ فِي الرِّعَايَةِ أَنْ لَا يَكُونَ مُفَرِّطًا فِيهَا، وَلَا مُقَصِّرًا. وَمَعْنَاهُ فِي الْفُصُولِ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْعَضْلَ مَانِعًا، وَإِنْ لَمْ يَفْسُقْ لِعَدَمِ الشَّفَقَةِ. وَشَرْطُ الْوَلِيِّ الْإِشْفَاقُ.

الصفحة 74