كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

الثَّانِيَةُ: لَا تَزُولُ الْوِلَايَةُ بِالْإِغْمَاءِ وَالْعَمَى. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ فِي الْعَمَى. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: تَزُولُ بِذَلِكَ. وَلَا تَزُولُ بِالسَّفَهِ، بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ. وَإِنْ جُنَّ أَحْيَانًا، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، أَوْ نَقَصَ عَقْلُهُ بِنَحْوِ مَرَضٍ، أَوْ أَحْرَمَ: انْتَظَرَ زَوَالَ ذَلِكَ. نَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ فِي الْمَجْنُونِ. وَلَا يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُمْ بِطَرَيَانِ ذَلِكَ. وَكَذَا إنْ أَحْرَمَ وَكِيلٌ، ثُمَّ حَلَّ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ جُنَّ مُتَفَرِّقًا، أَوْ نَقَصَ عَقْلُهُ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ أَحْرَمَ: فَهَلْ الْأَبْعَدُ أَوْلَى، أَوْ الْحَاكِمُ، أَوْ هُوَ فَيُنْتَظَرُ فَيَبْقَى وَكِيلُهُ؟ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا. وَكَذَا يَخْرُجُ لَوْ تَوَكَّلَ الْمُحِلُّ ثُمَّ أَحْرَمَ. ثُمَّ حَلَّ. انْتَهَى.

قَوْلُهُ (وَإِنْ عَضَلَ الْأَقْرَبُ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.
فَائِدَةٌ:
" الْعَضْلُ " مَنْعُ الْمَرْأَةِ التَّزَوُّجَ بِكُفْئِهَا إذَا طَلَبَتْ ذَلِكَ، وَرَغِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي صَاحِبِهِ، سَوَاءٌ طَلَبَتْ ذَلِكَ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ دُونَهُ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَتَقَدَّمَ " إذَا اخْتَارَتْ كُفُؤًا وَاخْتَارَ الْوَلِيُّ غَيْرَهُ: أَنَّهُ يُقَدَّمُ الَّذِي اخْتَارَتْهُ. " فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهِ. كَانَ عَاضِلًا " عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُ إمَائِهِ ". وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ صُوَرِ الْعَضْلِ: إذَا امْتَنَعَ الْخُطَّابُ مِنْ خِطْبَتِهَا، لِشِدَّةِ الْوَلِيِّ.

الصفحة 75