كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

قَوْلُهُ (وَإِنْ غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً: زَوَّجَ الْأَبْعَدُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ. ذَكَرَهَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْحَاوِي. وَخَرَّجَهَا أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ عَضْلِ الْوَلِيِّ. وَتَابَعَهُ فِي الْمُحَرَّرِ.
تَنْبِيهٌ:
مَحِلُّ الْخِلَافِ: إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ حُرَّةً. فَأَمَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً: فَإِنَّ الْحَاكِمَ هُوَ الَّذِي يُزَوِّجُهَا. قَالَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، مُدَّعِيًا أَنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، حَيْثُ قَالَ: زَوَّجَهَا مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ مِنْ عَصَبَتِهَا قَوْلُهُ (وَهِيَ مَا لَا يُقْطَعُ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ) . وَهَذَا الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْمَجْدُ، وَالشَّارِحُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: مَا لَا يَصِلُ إلَيْهِ الْكِتَابُ، أَوْ يَصِلُ فَلَا يُجِيبُ عَنْهُ، كَمَنْ هُوَ فِي أَقْصَى الْهِنْدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّامِ وَمِصْرَ وَنَحْوِهِمَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا يُحْتَمَلُ لِبُعْدِهِ. وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَيُحْتَمَلُ: وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا. فَيَكُونُ فِي مَعْنَى الْعَاضِلِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ أَوْمَأَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى هَذَا فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ. انْتَهَى. وَقَالَ الْقَاضِي: مَا لَا تَقْطَعُهُ الْقَافِلَةُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، كَسَفَرِ الْحِجَازِ. وَتَبِعَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي الْإِفْصَاحِ. وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا كَانَ الْأَبُ بَعِيدَ السَّفَرِ: زَوَّجَ الْأَبْعَدُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ. وَكَذَا قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ.

الصفحة 76