كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: مَنْ قَرَعَ مِنْهُمَا جَدَّدَ نِكَاحَهُ بِإِذْنِهَا. كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَهُوَ الصَّحِيحُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قَالَ أَبُو بَكْرِ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّجَّادُ: مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ جَدَّدَ نِكَاحَهُ. وَعَنْهُ: هِيَ لِلْقَارِعِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ. وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ: ابْنِ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابِهِ. وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ، وَابْنُ عَقِيلٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْقَوَاعِدِ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَمَالَ إلَيْهِ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. لَكِنْ اخْتَلَفَ نَقْلُ الزَّرْكَشِيّ وَصَاحِبِ الْفُرُوعِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّجَّادِ، كَمَا تَرَى. وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُذْهَبِ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُجَدِّدُ نِكَاحَهُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُجْبَرَ الْمَرْأَةُ عَلَى نِكَاحِ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، بَلْ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَتْ مِنْهُمَا وَمِنْ غَيْرِهِمَا. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَيْسَ هَذَا بِالْجَيِّدِ. فَإِنَّا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إذَا أَمَرْنَا الْمَقْرُوعَ بِالْفُرْقَةِ وَقُلْنَا: لَهَا أَنْ لَا تُزَوَّجَ الْقَارِعَ خَلَتْ مِنْهُمَا. فَلَا يَبْقَى بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَرْقٌ. وَلَا يَبْقَى لِلْقُرْعَةِ أَثَرٌ أَصْلًا. بَلْ تَكُونُ لَغْوًا. وَهَذَا تَخْلِيطٌ. وَإِنَّمَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ: هِيَ زَوْجَةُ الْقَارِعِ، بِحَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا، وَلَوْ مَاتَ وَرِثَتْهُ. لَكِنْ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يُجَدِّدَ الْعَقْدَ. فَيَكُونُ تَجْدِيدُ الْعَقْدِ لِحِلِّ الْوَطْءِ فَقَطْ. هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِالزَّوْجِيَّةِ إلَّا بِالتَّجْدِيدِ. وَيَكُونُ التَّجْدِيدُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا كَمَا كَانَ الطَّلَاقُ وَاجِبًا عَلَى الْآخَرِ. وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

الصفحة 90