كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 8)

وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْإِمَامُ. ذَكَرَهُ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مَتَى قُلْنَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْوَلِيِّ تَوَلِّي طَرَفَيْ الْعَقْدِ: لَمْ يَصِحَّ عَقْدُ وَكِيلِهِ لَهُ، إلَّا الْإِمَامَ، إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً لَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ. فَإِنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا بِوِلَايَةِ أَحَدِ نُوَّابِهِ؛ لِأَنَّهُمْ نُوَّابٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، لَا عَنْهُ. انْتَهَى.
وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ رِوَايَتَيْنِ فِي تَوَلِّي طَرَفَيْهِ. ثُمَّ قَالَ، وَقِيلَ: تَوَلِّي طَرَفَيْهِ يَخْتَصُّ بِالْمُجْبِرِ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: مِنْ صُوَرِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ: لَوْ وَكَّلَ الزَّوْجُ الْوَلِيَّ، أَوْ الْوَلِيُّ الزَّوْجَ. أَوْ وَكَّلَا وَاحِدًا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ جَوَازُ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ يَكْفِي قَوْلُهُ " زَوَّجْت فُلَانًا فُلَانَةَ " أَوْ " تَزَوَّجْتهَا " إنْ كَانَ هُوَ الزَّوْجُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَقَالَ: هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ. جَزَمَ بِهِ فِي الْبُلْغَةِ، فَيَقُولُ " زَوَّجْت نَفْسِي فُلَانَةَ ". وَ " قَبِلْت هَذَا النِّكَاحَ " وَنَحْوَهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ.
الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمُجْبَرَةِ كَبِنْتِ عَمِّهِ الْمَجْنُونَةِ، وَعَتِيقَتِهِ الْمَجْنُونَةِ نِكَاحُهَا بِلَا وَلِيٍّ غَيْرِهِ، أَوْ حَاكِمٍ. ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا يَجُوزُ بِلَا نِزَاعٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: كَبِنْتِ عَمِّهِ الْمَجْنُونَةِ. وَقِيلَ: وَعَتِيقَتِهِ الْمَجْنُونَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ السَّيِّدُ لِأَمَتِهِ: أَعْتَقْتُك وَجَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك: صَحَّ) .

الصفحة 97