كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

ذلك الفعل خلقاً وطبعاً، ولا ينتظر منه في المضيّ والاستقبال، ولا يكون لفعل فعله مرةً من الدهر، من ذلك قول بعض بني سلول: الكامل
ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني ... فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني
يريد: ولقد مررت، ولم يرد أنّ ذلك كان منه مرّةً، ولا أنه لا يعود إليه، وإنّما أراد أنّ ذلك سجيّته أبداّ؛ قال جرير: الكامل
قالت جعادة ما لجسمك شاحباً ... ولقد يكون على الشّباب نضيرا
قال خالد بن كلثوم الرّاوية: كان حنين صاحب خفيّ حنين من أهل اليمامة، وكان يحمل العطر فيطوف به في بلاد العرب، فطبن له بعض الخرّاز، فألقى في طريقه حين بدا من أهله فرد خفّ جديد، وألقى الفرد الآخر على قدر ميل، فأقبل حنين فلمّا رأى الفرد الآخر قال: الآن ننتفع بذلك الفرد، ونزل فعقل ناقته شفقةً عليها، ومضى فأخذ الفرد الآخر، وصاحب الخفّين قد كمن له، فلمّا تولّى حنين ركب البعير فذهب بما عليه وبه، فرجع حنين إلى أهله بالخفّين من جميع ما حمل، فصار خفّاه مثلاً.
قال المدائني: كان في الزمان الأوّل ملكٌ نهى النّاس أن ينتشروا بالنّهار في حوائجهم، ونادى بالتصرّف في الليل والنّوم بالنّهار، وأقام الحرسيّ يدور بالنّهار، فأخذ الحرسيّ رجلاً على حمار فأتى به الملك، فأمر بعقوبته، فقال

الصفحة 111