كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

النّجاء؛ ثمرة الحزم السلامة، وثمرة العجز الندامة.
قال أعرابيّ: آفة الحزم ترك الاستعداد، وآفة الرأي سوء الاستبداد.
قال أعرابيّ: الحازم لا تدهش له عزيمة، ولا تكهم له صريمة.
قال بعض تجّار البحر: حملنا مرةً متاعاً إلى الصّين من الأبلّة، وكان قد اجتمع ركبٌ فيه عشر سفنٍ، قال: ومن رسمنا إذا تزجّهنا في مثل هذا الوجه أن نأخذ قوماً ضعفاء، ونأخذ بضائع قوم، فبينا أنا قد أصلحت ما أريد إذ وقف عليّ شيخٌ فسلّم فرددت فقال: لي حاجةٌ قد سألتها غيرك من التّجار فلم يقضها، قلت: فما هي؟ قال: اضمن لي قضاءها حتى أذكرها، فضمنت، فأحضر لي رصاصةً من مائة منا، وقال لي: تأمر بحمل هذه الرصاصة معك، فإذا صرتم في لجّة كذا فاطرحها في البحر. فقلت: يا هذا، ليس هذا ممّا أفعله، قال: قد ضمنت لي، وما زال بي حتى قبلت وكتبت في روزنامجي؛ فلمّا صرنا في ذلك المكان عصفت الريح وهاج البحر، فاشتغلنا بأنفسنا ونسيت الرصاصة، ثم خرجنا من اللّجة وسرنا حتى بلغنا موضعاً، فبعت ما صحبني، وحضرني رجلٌ فقال لي: يا هذا، أمعك رصاصٌ؟ قلت: لا، فقال غلامي: معنا رصاصٌ، فقلت: لم أحمل رصاصاً قال بلى الشيخ فذكرت فقلت خالفناه؛ بلغنا إلى ها هنا وما يلحقني أن أبيعه ففيه ما ينفعه، فقلت للغلام: أحضرها، وساومني الرجل بها فبعتها بمائةٍ وثلاثين ديناراً وابتعت بها للشيخ طرائف الصّين، وخرجنا فوافينا المدينة، فبعت تلك الطرائف فبلغت سبعمائة دينار، وصرت إلى البصرة إلى الموضع الذي وصفه الشيخ، ووقفت بباب دار، وسألت عنه فقيل لي: قد توفي، قلت: فهل خلّف أحداً يرثه؟ قالوا: لا نعلم إّلا ابن أخٍ له في بعض نواحي البحر؛ قال: فتخبّرت

الصفحة 122