كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

قد أروى ناراً، فأقلع عن رؤوسٍ بلا غلاصم، ومعاصم بلا راجم؛ مهلاً مهلاً بني هاشم فبي سهل لكم الوعر، وصفا لكم الكدر، ونذار نذار من حلول داهيةٍ إدٍّ، خيوطٍ باليد، لبوطٍ بالرّجل.
فقال عبد الملك: يا أمير المؤمنين، أتكلّم فذّاً أم تؤاماً؟ فقال: بل فذّاً، فقال: اتّق الله يا أمير المؤمنين فيما استرعاك، ولا تجعل الشّكر بموضع الكفر لقول قائلٍ ينهس اللّحم، ويلغ الدّم، فوالله لقد حدوت القلوب على طاعتك، وذلّلت الرجال بمحبّتك، وكنت في ذلك كما قال أخو بني كلاب: الرمل
ومقامٍ سيّءٍ فرّجته ... بلساني ومقامي وجدل
لو يقوم الفيل أو فيّاله ... زلّ عن مثل مقامي وزحل
فأمر به فردّ إلى محبسه ثم قال: لقد دعوت به وأنا أرى مكان السيف من صليف رقبته ثمّ ها أنا قد رثيت له، وليس من الاحتياط أن يترك.
489ب - تفسير حروفٍ في هذا الكلام للرشيد قد اشتمل على عربيّةٍ علويّةٍ، وقد روي أوّل الكلام لعبد الحميد، والنسب إليه أكثر، وهو به أليق، وماأضع بهذا من الرشيد، ولكن للصناعة موضعٌ لا تأتي عليه الخلافة: أما قوله يرسف فمعناه: يمشي مشي المقيّد، وصورته شائعة لأنّ المقيّد يقصر خطوته، يقال منه: رسف - بالسّين غير معجمة -؛ والماشي كذلك راسفٌ.

الصفحة 132