كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

وأما قوله مثل بين يديه فمعناه وقف وقام، وكأنّه صار مثالاً، لأنّ المثال يقابل المماثل، وقيل في قوله: " مثلهم في التّوراة ومثلهم في الإنجيل " أي صفتهم، وجمع المثال مثل؛ وفيما ترجم من كلام أفلاطون أنّ الأشياء قبل الوجود كانت مثلاً في نفس الباري، فعلى ذلك اخترعها، وهذا رأيٌ فاسدٌ خيالٌ مضمحلّ لأنّ قوله: الأشياء قبل الوجود باطلٌ عنده، لأنّ القبل من الأشياء، ويستحيل أن تكون الأشياء تسبق شيئاً من جملة الأشياء، وهذا لا قوام له من العقل، وقوله: قبل الوجود مغالطةٌ لأنّ الوجود أيضاً مغمورٌ بالاسم العامّ للأشياء، وأما قوله: مثلاً في نفس الباري، فما أبعد هذا من الحقّ، هل كانت المثل - إن كانت أيضاً - إلاّ أشياء، وكأنّه قال: الأشياء كانت أشياء في نفس الباري، ومتى جاز مع هذا أن تكون نفس الباري ظرفاً للمثل، لأن قوله: في نفس الباري، وامئٌ بهذا، ومشيرٌ إلى هذا، وعاطفٌ على هذا، فإن كان ضيق العبارة أفضى به إلى هذا، فليأت ببيان أتمّ من هذا، وباعتذارٍ يقرّب هذا، وليس الفنّ غرضي هاهنا، ولكن عنّ هذا على عادة ما تضمّن هذا الكتاب، فتكلمت حسب الطاقة، نافياً عن الله المستحيل، وناصراً للتوحيد.
وجمع المثال: أمثال، وجمع الأمثال: أمثلة " وضرب الله مثلاً " أي بيّن الله أمراً في معرضٍ ليس عندكم، وعلى هذا تقول لصاحبك: إنّما مثلك مثل رجلٍ قال كذا وفعل كذا، ويقول كذا ويفعل كذا، فيعرض شأنك عليه في صورةٍ يسرع إليها وهمه، ويقرب منها فهمه، فتسقط المنازعة ويتسهّل المراد.
فأما البيت فقديم، أعني الذي أنشد الرشيد، وسمعت بعض الشّيعة يقول: البيت لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قاله لعبد الرحمن بن ملجم لعنه

الصفحة 133