كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

الله، حين علم أنّه ضاربه على هامته، وسائلٌ دمه على شيبته، قال: والدليل على ذلك قوله من مراد، وعبد الرحمن مراديّ، وأصحابنا يأبون هذا الكلام، ويقولون: البيت لعمرو بن معدي كرب، وقد جاء في ديوانه، ولكنّ الشيعة إذا سمعوا هذا الكلام رموا قائله ببغض عليٍّ، وقذفوه بكلّ قبيح، والفتنة منهم شديدة، والبلاء عظيم، ولو لم يكن من عجائبهم إلاّ تشريف عليّ، ونشر فضائله، والاقتداء بأفعاله، لكان ذلك حقّاً وصدقاً وطاعةً، ولكن يتّصل بهذا ما يهدم هذا، ونعوذ بالله من الحور بعد الكور.
وأمّا نصبه عذيرك فإجماعٌ من النّحويين، قالوا: معناه من يعذرك، وإنّ الفعل أوجب النّصب لأنّك لو خفضت بغير خافضٍ ولو رفعت استحال خبراً، وليس الغرض المرميّ ولا المراد المغزوّ أن يكون عذيرك من خليلك من مراد، فلما بطل الوجهان صحّ الثالث أعني النّصب، كأنّه أريد به خيراً ويريد بي شرّاً، أي هات الآن من يعذرك ومن عاذرك، وكأنّ العذير هاهنا فعيل بمعنى فاعل، ولهذا نظائر.
وأما قوله شؤبوبها فجمعه شآبيب وهي الدّفع، ويسمع أيضاً في وصف الناس، يقال: خرجت في شؤبوبٍ من الناس أي دفعة، في قطعةٍ، في فوجٍ.
وأمّا قوله قد همع فمعناه سال، وأمّا العارض فهو الذي يستطير من البرق كأنّه يعرض أو يطول لأنه يكون ذا طولٍ مرّةً وذا عرضٍ مرّةً. لمع معناه لاح وأخذ العين، ويقال: التمع فلانٌ إذا أبصر شيئاً يحسر عينه، ومعناه يكلّ أي يأخذ حدّتها ويذهب بضيائها ويفرق شعاعها، والشّعاع إذا تفرّق من منبثّ البصر كلّ الناظر، وصار المغرب من الناس - أعني من اشقرّت أهداب

الصفحة 134