كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

عينه، وإن قيل: أشفار على الجوار جاز - لا يجود إبصاره، لأنّ شفر عينه يفرّق الشّعاع المنبثّ المضاء، فأمّا السّواد فجامعٌ لأقطار الضوء وناظمٌ ما تفرّق من النّور، ومسدّدٌ بالنظر نحو المقابل، وهذا أيضاً تطويلٌ لا يدخل فيما نحن منه بسبيل، فما أصنع وحلاوة الحديث قد أخذت بسمعي وبصري، وعرّضتني للائمة من يعزّ عليّ؟ وأمّا قوله أورى ناراً فمعناه استخرج، يقال: ورت النار ووريت، يقال في كلام العرب: وريت بك زنادي، وزهرت بك ناري، فأمّا وراني ورياً، ينصبون على مذهب الدّعاء، أي ألزمك الله تعالى هذا، وفي خلافه يقولون: عمراً وشباباً.
فأما الغلاصم فجمع غلصمة، وهي العجر التي على ملتقى اللهاة والمريء، إذا ازداد الآكل اللقمة فزلّت عن الحلق ودخلت في الغلصمة، والحنجرة رأس الغلصمة؛ هذا لفظ الأصمعي.
وأما المعاصم فجمع معصمٍ وهو موضع السّوارين وأسف ذلك قليلاً.
وأما البراجم واحدتها برجمةٌ، وهي ملتقى رؤوس السّلاميات من ظهر الكفّ، إذا قبض الإنسان كفّه نشزت وارتفعت، وبها سمّيت البراجم من بني تميم؛ هذا أيضاً لفظ الأصمعي.
وأما قوله الوعر فالخشن، ولا يقال إلاّ في الطريق، ولا يقال في الثوب الخشن وعرٌ لا مجازاً ولا تحقيقاً، يقال: طريقٌ وعرٌ. وقد سمع وعرٌ - بحركة العين -، وطرقٌ أوعارٌ، ورأيت شاعراً قال: طرقٌ وعرٌ، فعيب عليه وقيل له: أنت لا تقول: قومٌ قائمٌ، لا تصف الواحد بصفة الجماعة، ولا تصف الجماعة بصفة الواحد، فقال: أنتم لا تقولون قومّ نائمٌ وقد قال الله تعالى: " فوجٌ مقتحمٌ "، ودار الكلام وانتهى.
وأما قوله نذار فمعناه النّذير والإنذار، وكأنّ الإنذار إعلامٌ إلا أنه مع

الصفحة 135