كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

الفرد، ولا ندري لم ذاك، ويطلق الوتر وإن لم يكن واحداً بالإطلاق، بل يكون واحداً وثلاثةً وخمسةً وسبعةً، وعلى هذا جرّاً؛ وأما الفرد في أسماء الله تعالى فسائغٌ شائع. قال أبو حامد: ولا يقال في الله تعالى هو فريدٌ وحيدٌ، وإن قيل فردٌ واحدٌ، ولم يوضح وجه المنع من ذلك، والنّفس تشهد بصحّة ما قال، ولكنّ البرهان مفقود، وشهادة النّفس مع فقد الدليل كصدودها بعد ظهور الدّليل.
وأمّا قوله تؤاماً فإنّ أصحابنا يقولون هذا خطأ، لأنّ الواحد لا يكون تؤاماً، إنّما يكون الاثنان توأمين، هكذا قال يعقوب: هذا توأم هذا، أي هذا ولد مع هذا، واعتذر لعبد الملك بعض أصحابنا فقال: لعله أراد تؤاماً على الجمع كما قال الشاعر: الرجز
قالت لنا ودمعها تؤامُ ... كالدّرّ إذ أسلمه النّظام
على الذين ارتحلوا السّلام
قال: كأنه أراد بالتّؤام التّوائم، والتّؤام في شعر المرقّش الأصغر: ودرّاً توائماً، كأنّه جمع تائمةٍ وإن لم يسمع.
وأما قوله نهس اللحم فمعناه يأخذه بأسنانه ومقاديم فمه، ومنه: تناهست الكلاب الجيفة، وجمعها جيفٌ.
وأمّا قوله يلغ الدم فهو من نعت الكلب إذا احتسى الدم وجرع فيه، والميلغة: ما يلغ فيه الكلب، اللام مفتوحة، والمولغ: صاحب الكلب، والوالغ والمولغ: الكلب، وفي الناس استعارةً إذا كثر سفكهم للدماء. والشافعي يروي خبراً في نجاسة الكلب، ويوجب غسل الآنية من ولوغه سبع مرّات، أولاهنّ أو أخراهنّ بالتراب، وأبو حنيفة يواطئه على النّجاسة ولا

الصفحة 137