كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

يغسل هكذا، ويرى له ثمناً، والشافعي يرى له قيمةً لنجاسة عينه، ومالكٌ يرى أنّ الكلب طاهرٌ ولحمه مأكولٌ، ووجوه اختلاف الفقهاء متقاربةٌ، وأدرّتهم مستوسقة، وإنّما البلاء كلّه من أصحاب الكلام الذي يظنّون أنّ التوحيد لا يصحّ إلا بنظرهم، والدّين لا يثبت إلاّ بنصرتهم، والحقّ لا يعرف إلاّ بمقاييسهم، وهم عن أسرار التوحيد في أبعد مطرحٍ وأنأى منزح، والله تعالى أجلّ من أن يصحّح توحيده عقول خلقه، ومقاييس عباده، وظنون العاجزين عن الحقائق، وآراء المضروبين بالنّقص.
وأنشد لأبي علي البصير: الهزج
أتينا بعدكم مكّ ... ة حجّاجاً وزوّارا
وحرّمنا لربّ النّا ... س أشعاراً وأبشارا
ولبّيناه لا نسأ ... م إقبالاً وإدبارا
لكي يغفر إنّ الل ... هـ قدماً كان غفّارا
وقلّدنا وسقنا البد ... ن قد أشعرن إشعارا
ومن جمعٍ تزوّدنا ... إلى الجمرة أحجارا
ومسّحنا من الكعب ... ة أركاناً وأستاراً
وجئنا القبر قبر المص ... طفى أحمد زوّارا
وقال الناس هل أحد ... ث هذا لك إقصارا
وهل أحسنت للتّوب ... ة من قلبك إضمارا
فلمّا شارف الحير ... ة حادي إبلي حارا
وقد كاد يغور النّج ... م للإصباح أو غارا
فقلت أحطط به رحلي ... ولا تحفل بمن سارا
فجدّدنا عهوداً س ... لفت منّا وآثارا
وقضّينا لباناتٍ ... لنا كانت وأوطارا

الصفحة 138