كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

بالبصرة من المؤمنين والمسلمين، سلامٌ عليكم؛ أمّا بعد، فإنّ هذا الأمر محفوظ، من يرد فيه الإصلاح يهده الله ويصلحه، ومن يسئ فإنّ سوءه على نفسه، فاتقوا الله تعالى فإنّ الله " قد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين " وأطيعوا فمن أطاع فليس عليه سبيلٌ " فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً " وإنّ الله قد أفضل عليكم أن هداكم من الضّلالة، وبصّركم من العمى، وأوسع عليكم من الرّزق، واستخلفكم في الأرض، فانظروا كيف تعملون، وإنّ الله قد أحضركم القتال في سبيله، فاشكروا لله نعمته فإنّه زائدكم ما شكرتم، إنّ الله غفورٌ شكور.
أمّا بعد ذلك فأعينوا أميركم على أمر الله تعالى، وآزروه مؤازرةً حسنةً جميلة، ومن رأيتم ينتهك حدود الله فانهكوه ولا تهاونوا، فإنّه من يقم على أمر الله جلّ اسمه فإنّ الله تعالى ناصره، وليست منزلة المسيء كمنزلة المصلح، وعد الله المصلح الجنّة ووعد المسيء النار، قال الله وقوله الحقّ: " أم نجعل الذّين آمنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار ".
أمّا بعد ذلكم فإني كتبت إليكم في شأن المصاحف، ولم أفعل فيها الذي فعلت حتى اختلف فيها كثيرٌ من النّاس فظلموا أنفسهم فيها، وحتى إن الرجل ليحلف بالله ما يسرني أنّي كتبت من مصحف فلانٍ فإنّ لي مالاً عظيماً - يرضى ما عنده، ويزكي نفسه، ويسخط ما عند صاحبه. وإنّ كتاب هذا المصحف من فضل الله جلّ اسمه على عباده، وتمام نعمته عليهم يكون أمرهم جميعاً ولا يختلفون فيه كما اختلف أهل الكتاب قبلهم، وإنّا قد حرصنا أن نستثبث فيه وإن عمر أمير المؤمنين كان من آنسنا بالقرآن، وأحرصنا على تعليمه، وقد كان كتب عامّته من فم رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله، فجمع به رهطاً من المسلمين ممّن نفع بقراءته، وظنّوا أنّ عنده علماً بالكتاب منهم، فقام هو وهم

الصفحة 160