كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

قال: إذا نزل القدر عمي البصر.
يا أبا حنيفة، ما الملوحة في عينك، والمرارة في أذنيك، والعذوبة في ريقك، والماء والحرارة في الخياشيم؟ قال: لا أدري، قال: فبم ألقى الله الحيض والدّم على المرأة، ولم حبس عن الحبلى؟ وأين مكان الكاتبين من ابن آدم؟ وأخبرني عن سورةٍ أولها تحميدٌ وأوسطها إخلاصٌ وآخرها دعاءٌ، وعن حرفْ أوّله كفرٌ وآخره إيمان، وعن وضع الرجل يده على مقدّم رأسه عند الحزن، والمرأة على خدّها؟ قال: لا أأدري.
قال جعفر رضي الله عنه: أمّا الملوحة في العينين فلأنّهما شحمتان، ولولا ذاك لذابات في حرّ الشمس؛ وأمّا المرارة في الأذنين فحجابٌ للدّماغ، ولولا ذلك لسارعت الهوامّ إلى الأذن؛ وأمّا العذوبة في الرّيق فلمعرفة الطّعوم؛ وأمّا الماء والحرارة في الخياشيم فراحةٌ للدّماغ، ولولا ذلك لأنتن الدّماغ؛ وأمّا ما ألقى الله تعالى على المرأة من الحيض فمن أجل حوّاء حين عقرتالشّجرة؛ وأمّا الدّم الذي حبسه الله تعالى عن الحبلى فرزقٌ للمولود؛ وأمّا وضع الرجل يده على رأسه والمرأة على خدّها فمن أجل آدم وحوّاء عند ركوبهما المعصية؛ وأمّا موصع الكاتبين فعلى النّاجذين؛ وأمّا السّورة التي أولها تحميدٌ وأوسطها إخلاصٌ وآخرها دعاءٌ ففاتحة الكتاب؛ وأمّا الحرف الذي أوّله كفرٌ وآخره إيمانٌ فكلمة الإخلاص.
يا أبا حنيفة، القتل عندك أشدّ أم الزّنا؟ قال: بل القتل، قال: فكيف أمر الله تعالى في القتل بشاهدين، وفي الزّنا بأربعة؟ يا أبا حنيفة، النساء أضعف عن المكاسب أم الرجال؟ قال: بل النّساء، قال: فكيف جعل الله للمرأة سهماً واحداً وللرجل سهمين؟ يا أبا حنيفة، الغائط أقذر أم المنيّ؟ قال: بل الغائط، قال: فلم يغتسل من المنيّ ولا يغتسل من الغائط؟ قال: ولم صارت الحمامة تفتدى بشاةٍ وليست الشّاة مثلاً للحمامة؟

الصفحة 163