كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

وأمةٍ، وكان لهما خادمٌ أسود عرضاه للبيع فطلب بخمسين ديناراً، فكتب إليه أبو العيناء: وقد علمت - أطال الله بقاءك - أنّ الكريم المنكوب أجدى على الأحرار من اللئيم الموفور، لأنّ اللئيم يزيد مع النّعمة لؤماً، ولا تزيد المحنة الكريم إلاّ كرماً، هذا متّكلٌ على رازقه، وهذا يسيء الظّنّ بخالقه، وعبدك إلى ملك كافور الخادم فقير، وثمنه على ما اتّصل به يسير، فإن سمحت به فتلك منك عادتي، وإن أمرت بأخذ ثمنه فماله منك مادتي، أدام الله لنا دولتك، واستقبل بالنّعمة نكبتك، وأدام عزّك وكرامتك. فوجّه إليه بالخادم.
قال عمر بن الخطّاب: إنّما الدّنيا أملٌ مخترم، وأجلٌ منتقص، وبلاغٌ إلى دارٍ غيرها، وسيرٌ إلى الموت ليس فيه تعريج، فرحم الله امرءاً فكّر في أمره، ونصح لنفسه، وراقب ربّه، واستقال ذنبه.
كان ابن عبّاس إذا ذكر عليٌّ عليه السلام يقول: كان والله الكنز الكبير، والبحر الغزير، والغيث المطير، والشّجاع الخطير، الذي لم يكن له في الورى نظير، مؤدّب الأدباء، وسيّد الخطباء، وقائد النّجباء، ومن إذا عرضت مشكلةٌ أجاب عنها والناس سكوت.
شاعر: الوافر
تبحبح في الكتابة كلّ وغدٍ ... فقبحاً للكتابة والعماله
ترى الآباء نسبتهم جميعاً ... إلى الأبناء من فرط النّذاله
لأبي الشّيص: المتقارب
مزجت المدام بريق الغمام ... وقد زرّ جيب قميص الظّلام

الصفحة 166