كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

جرى بين أي الصّقر بن بلبل وبين ابن ثوابة كلامٌ أربى فيه ابن ثوابة عليه، وكان أبو العيناء منقطعاً إلى أبي الصّقر، فقال لابن ثوابة منتصراً له: ما منع أبا الصّقر من كلامك إلاّ أنّه سهل عليه دمك أن يسفكه، وعاف لحمك أن يأكله، ولم يجد لك شرفاً فيهدمه، ولا فضلاً فيثلمه، فقال له ابن ثوابة: ما أنت والدخول بيني وبين هؤلاء يا مكدّي؟ فقال أبو العيناء: يحقّ لمن ذهب بصره، وضعفت قوّته، وجفاه سلطانه، ونقصت عمالته، أن يعود على إخوانه فيأخذ من أموالهم فيستعين بها على دهره، ولكن أسوأ حالاً منّي من يستنزل الماء من أصلاب الرّجال في بطنه فيعظّم إجرامهم، ويقطع أنسابهم، فقال ابن ثوابة: ما استبّ اثنان إلاّ غلب ألأمهما، فقال أبو العيناء: فبذلك غلبت أبا الصّقر.
شاعر: المتقارب
ترحّل ما ليس بالقافل ... وأعقب ما ليس بالآفل
فلهفي على السّلف الراحل ... ولهفي من الخلف النازل
أبكي على ذا وأبكي لذا ... بكاء المولّهة الثّاكل
تبكّي من ابنٍ لها قاطعٍ ... وتبكي على ابنٍ لها واصل
قال صالح بن عبد القدّوس: ليس شيءٌ إلاّ وفيه منفعة، فقال

الصفحة 174