كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

تسع، وثلاثةٌ عشر، وثلاثةٌ بيضٌ، وثلاثةٌ دآدي، وثلاثةٌ حنادس، وثلاثةٌ سرار، وثلاثةٌ محاق؛ وأيّام الشّهر كنايةٌ عن الليالي، وإذا قلت الليالي قلت: ثلاثٌ غرر، وثلاث نفل، وقد يقال لها أيّام، ألا ترى أنّك تقول: صمت البيض، والصّوم لا يكون ليلاً.
بثّ رجلٌ في وجه أبي عبيدة مكروهاً فأنشأ يقول: الطويل
لو أنّ لحمي إذ وهى لعبت به ... سباع حرامٍ أو ضباغٌ وأذؤب
لهوّن وجدي أو لسلّى مصيبتي ... ولكنّما أودى بلحمي أكلب
قيل لبعض العلماء: كيف كانت بلاغة الأمين؟ قال: والله لقد أتته الخلافة في يوم جمعة، فما كان إلاّ ساعة حتى نودي الصلاة قائمة، فخرج ورقى المنبر، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: أيّها النّاس، وخصوصاً يا بني العبّاس، إنّ المنون مراصد ذوي الأنفاس، حتمٌ من الله لا يدفع حلوله، ولا ينكر نزوله، فارتجعوا قلوبكم الحزن على الماضي إلى السّرور بالباقي، تجزون ثواب الصّابرين، وأجور الشّاكرين. فتعجّب النّاس من جرأته، وبلّة ريقه، وجودة عارضته.
يقال: من علامة الرّشد أن تكون النّفس إلى بلدها توّاقة، وإلى مسقط رأسها مشتاقة.

الصفحة 177