كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

سألت أبا سعيد السّيرافي عن أبي عمر فقال: لم يكن زاهداً إّلا في الدّارين، قلت: أكان يتّهم في اللغة؟ قال: كيف لا يتّهم من يكذب؟! وسمعت غير أبي سعيد يقول ما هو قريبٌ من هذا، وطائفةٌ من الناس تأبى هذا فيه، وتزعم أنّه كان ثقةً مأموناً.
أخذ عبّاسيّ طالبيّاً في العسس، فأراد أن يعاقبه فقال الطّالبيّ: والله لولا أن أفسد ديني بفساد دنياك لملكت من لساني أكثر ما ملكت من سوطك؛ والله إن كلامي لفوق الشّعر، ودون السّحر، وإنّ أيسره ليثقب الخردل، ويحطٌ الجندل، فاستحيى منه وخلّى عنه.
قال سوّار بن أبي شراعة، أنشدنا الرّياشي لعمرو بن حلّزة أخي الحارث بن حلّزة، قيل: وهي مصنوعة: الرمل
لم يكن إّلا الذي كان يكون ... وخطوب الدّهر بالنّاس فنون
ربّما قرّت عيونٌ بشجىً ... مرمضٍ قد سخنت منه عيون
يلعب الناس على أقدارهم ... ورحى الأيّام للنّاس طحون
يأمن الأيام مغترٌ بها ... ما رأينا قطّ دهراً لا يخون
والملمّات فما أعجبها ... للملمّات ظهورٌ وبطون
إنّما الإنسان صفوٌ وقذىً ... وتواري نفسه بيضٌ وجون
لا تكن محتقراً شأن امرئٍ ... ربّما كانت من الشان شؤون

الصفحة 25