كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

قال بشّار: لقد عشت في زمانٍ وأدركت أقواماً لو احتفلت الدّنيا ما تجمّلت إّلا بهم، وإنّي لفي زمانٍ ما أرى عاقلاً حصيفاً، ولا فاتكاً ظريفاً، ولا ناسكاً عفيفاً، ولا جواداً شريفاً، ولا خادماً نظيفاً، ولا جليساً طريفاً، ولا من يساوي على الخبرة رغيفاً.
سأل رجلٌ أبا الهذيل فقال له: أفعال العباد مخلوقة؟ قال: لا، قال: فمن خلقها؟ قال أبو الهذيل: أنت مشجوج؟ قال: لا، قال: فمن شجّك؟ قال رجلٌ لابن سيّار: أتعجب من رجلٍ يتهيّبك مع قبح صورتك؟ قال: ليس من حسنه يهاب الأسد.
قيل لصوفيّ: أين الحقّ؟ قال: لو كان له أينٌ لم تثبت له عين.
قال رجلٌ لأبي الهذيل: ما الدليل على حدث العالم؟ قال: الحركة والسكون، فقال السائل: الحركة والسكون من العالم، فكأنك قلت الدليل على حدث العالم العالم دل على حدث العالم بغير العالم فقال أبو الهذيل: جئتني بسؤالٍ من غير العالم جئتك بجوابٍ من غير العالم.
عثر رجلٌ على امرأته وهي على فاحشةٍ فطلّقها، فاجتمع أهلها إليه وقالوا: عرّفنا ما رأيت من زوجتك، فما رأيت فيها؟ قال: سبحان الله، امرأةٌ كان زمامها بيدي وكنت بعلاً لها لم أبح بما كان منها، فلمّا بانت منّي، وصارت غريبةً أفضحها؟! لا يكون ذلك أبداً.

الصفحة 28