كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

جاء رجلّ إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال له: صف لي الجنّة؟ فقال: " فيها فاكهةٌ ونخلٌ ورمّانٌ "؛ وجاء آخر فقال بمثل قوله، فقال: " سدرٌ مخضود، وطلحٌ منضود، وفرشٌ مرفوعة، ونمارق مصفوفة "؛ وجاء آخر فسأله عن ذلك فقال: " فيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين "؛ وجاء آخر فسأله فقال: " فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ". فقالت عائشة: ما هذا يا رسول الله؟ قال: " إنّي أمرت أن أكلم الناس على قدر عقولهم ".
حضّ منصور بن عمّار الناس على الغزو في فناء دار الرشيد بالرّقة، وطرحت امرأةٌ من حاشيته صرّةً تصحبها رقعةٌ قرئ فيها: رأيتك يا ابن عمّار تحضّ على الجهاد، وقد ألقيت إليك ذؤابتي فلست أملك والله غيرها، فبالله إّلا جعلتها قيد فارس غازٍ في سبيل الله تعالى، فعسى الله جلّ جلاله يرحمني بذلك، فارتجّ المجلس بالبكاء، وضجّ بالنّحيب، وتعجّب الناس من ذلك.
قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: " ما تعدّون الرّقوب فيكم؟ قالوا: التي لا يبقى لها ولد، قال عليه السلام: " بل الرّقوب الذي لم يقدّم من ولده شيئاً ".
ذبحت عائشة شاةً فتصدّقت بها، وتركت كتفاً منها، فقال النبيّ صلّى الله عليه: " ما عندك منها "؟ قالت: ما بقي إّلا كتفٌ، قال: " كلّها بقي إّلا كتف ".

الصفحة 29