كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

كان أبو سليمان يقول: إنّ الله تعالى أكرم من أن يعذّب قلباً بشهوةٍ تركت من أجله، وذلك أنه قال: " من صدق في ترك شهوةٍ كفي مؤونتها ".
وقال أبو سليمان: أرجو أن أكون قد بلغت من الرّضا طرفاً ولو أدخلني النار لكنت بذلك راضياً.
قال السّريّ السّقطيّ: إذا رأيت الله تعالى يوحشك من الخلق، فاعلم أنّه يريد أن يؤنسك بنفسه.
قال إسماعيل بن زياد أبو يعقوب: قدم علينا ها هنا بعبّادان راهبٌ من الشام ونزل دير أبي كبشة، فذكروا حكمة كلامه، فحملني ذلك على لقائه، فأتيته وهو يقول: إنّ لله عباداً سمت بهم هممهم نحو عظيم الذّخائر، قالتمسوا من فضل سيّدهم توفيقاً يبلغهم سموّ الهمم، فإن استطعتم أيّها المرتحلون عن قريبٍ أن تأخذوا ببعض أمرهم فإنّهم قومٌ قد ملكت الآخرة قلوبهم فلم تجد الدّنيا فيها ملبثاً، فالحزن بثّهم، والدّمع راحتهم، والدؤوب وسيلتهم، وحسن الظنّ قربانهم، يحزنون بطول المكث في الدّنيا إذا فرح أهلها، فهم فيها مسجونون، وإلى الآخرة منطلقون. فما سمعت موعظةً أنفع لي منها.
قال معاوية بن قرّة: كنّا لا نحمد ذا فضلٍ عند فضله، فصرنا

الصفحة 38