كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

269 - قد تعجّب كسرى من متعجّب منه، فإنّه لو اندفع الخطباء البرعة، وأصحاب اللّسن دهرهم الأطول في القول والتّعجّب ما بلغوا شطر ما عليه حال الدّهر، وإنّي لشريك كلّ متعجّبٍ منه. وأزيد شيئاً: وذلك أنّ تعجّبي من الراكن إلى الدّنيا، والحالم بها، والنائم تحت أفيائها، والمنغمس في بحرها، والطّالب لما منع منها أشدّ جداً، وما أخلق العاقل المتصفّح أن يهجر اللؤم واللّئيم والدّنيا اللئيمة، فطلبها لؤمٌ، ولم يطلبها إّلا من هو ألأم منها، وإّلا فحدّثني لمن وفت، ولمن صفت، وعلى من بقّت، وإلى من أحسنت؟ هيهات، من ذا الذي لبس وشيها فلم يبطر، ومن ذا الذي ثمل من خمرها فلم يسكر، ومن ذا الذي حمي عنها فلم يضجر، ومن ذا الذي نظر إلى زخرفها فلم يغترّ، ومن ذا الذي سمع غناءها ولم يرقص، ومن ذا الذي تمّ عليها وبها فلم ينقص، ومن ذا الذي ربح فيها فلم يخسر؟ قال يعقوب: قد ريّث فلانٌ نظره يريّثه ترييثاً؛ نظر العتّابيّ إلى رجلٍ من أصحاب الكسائي فقال: إنّه ليريّث النّظر. وقد رنّق النّظر، وأصله من ترنيق الطّير إذا جعلت ترفرف ولا تسقط.
قال يعقوب: انتضى سيفه، وانتضله، وامتشقه، وامتشله، واخترطه، وامتلخه، وقربت السّيف: جعلته في القراب، وهو الجربّان، وتخفّف: الجربان. ولأقيمن أودك ودرأك وجنفك. وفلانٌ يتبرّض ما عند فلانٍ أي يأخذ من القليل بعد القليل، ويقال: برضت له أبرض برضاً، ونضضت له أنضَّ، أصله من البئر النّضوض والبروض، وهي التي يأتي ماؤها قليلاً قليلاً. ويقال: ذلاذل الثّوب: أطرافه. ويقال: عجمته العواجم. ويقال: رجلٌ منجّدٌ - بالذال منقوطةً - ومجرّسٌ، ومقلّسٌ، ومنقّحٌ؛ هكذا قال. وفهمت ذلك في عروض كلامه، وفي فحوى كلامه - بالمدّ والضمّ.

الصفحة 80