كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 8)

يأكل مع امرأته وبين يديه سكباجة وقد فاحت رائحتها، إذ دنا سائلٌ من الباب، وعساه كان ممّن امتحن بنكبةٍ بعد نعمةٍ فقال: أطعموني من فضل ما رزقكم الله تعالى، فقامت المرأة وغرفت من القدر، وأخذت رغيفين لتناوله، فلمّا رأى الزّوج ذلك حلف عليها أن لا تدفع له شيئاً، فمضى السائل خائباً حزيناً، واستوفى الرجل طعامه، وصعد السطح لبعض حوائجه فعثر بشيءٍ فسقط إلى الأرض فوقص ومات، وحازت المرأة ميراثه، وتصرّفت فيه، وضرب الدهر ضربانه. ثمّ إنّ السائل لما لقي من قبح الردّ وشدّة الشّهوة إلى ذلك الطّعام الذي شمّ رائحته عاد إلى منزله وأخذ مضرّبةً كان قد اشتراها، فأراد أن يفتقها ويغسلها ويبيعها فوجد فيها ألف دينار، فأخذها وغيّر حاله بها، ثمّ طلب امرأةُ يتزوج بها، فقالت له بعض الدّلاّلات: ها هنا امرأةٌ صالحةٌ وقد ورثت، فما تقول في مواصلتها؟ فأنعم، فسعت الدلاّلة بينهما حتى اتّفقا واجتمعا، فلما دخل بها تحدّثا يوماً، فقالت المرأة: ما أشدّ ما مضى على رأسك؟ فحدّثها بوقوفه على باب دار وامرأةٌ تأكل مع زوجها، فقالت المرأة: فاعلم أنّ هذه الدار هي تلك، وأنا المرأة، وأنّ زوجي صعد في ذلك اليوم السطح فسقط ومات، وقد أورثك الله تعالى داره وماله وزوجته، فسجد الرجل لله جلّ جلاله شكراً، وحدّث إخوانه فتعجّبوا.
قاتل الأحنف مرّةً واشتدّ فقيل له: أين الحلم يا أبا بحر؟ فقال: ذاك عند عقد الحبى.
ومرّ عمر على رماة غرضٍ، فسمع أحدهم يقول لصاحبه: أخطيت وأسئيت، فقال عمر: مه! فسوء اللحن أشدّ من سوء الرّماية.

الصفحة 90