كتاب تفسير ابن كثير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

بَعْدَ فَرَاغِكَ مِنَ الصَّلَاةِ وَأَنْتَ جَالِسٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ، يَعْنِي فِي الدُّعَاءِ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَالضَّحَّاكُ: فَإِذا فَرَغْتَ أَيْ مِنَ الْجِهَادِ فَانْصَبْ أَيْ فِي الْعِبَادَةِ وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ وقال الثَّوْرِيُّ: اجْعَلْ نِيَّتَكَ وَرَغْبَتَكَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ أَلَمْ نَشْرَحْ، وَلِلَّهِ الحمد والمنة.
تفسير

سورة التين
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ قَالَ مَالِكٌ وَشُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ في سفره فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا أَوْ قِرَاءَةً مِنْهُ «1» ، أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ فِي كُتُبِهِمْ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة التين (95) : الآيات 1 الى 8]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)
ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (5) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (8)
اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ هَاهُنَا عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ فَقِيلَ الْمُرَادُ بِالتِّينِ مَسْجِدُ دِمَشْقَ، وَقِيلَ: هِيَ نَفْسُهَا، وَقِيلَ الْجَبَلُ الَّذِي عِنْدَهَا، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ «2» : هُوَ مَسْجِدُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَرَوَى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مَسْجِدُ نُوحٍ الَّذِي عَلَى الْجُودِيِّ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ تِينِكُمْ هَذَا وَالزَّيْتُونِ قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ وَقَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ: هُوَ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: هُوَ هَذَا الزَّيْتُونُ الَّذِي تَعْصِرُونَ وَطُورِ سِينِينَ قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: هُوَ الْجَبَلُ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى عليه السّلام، وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ يَعْنِي مَكَّةَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَالْحُسْنُ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَابْنُ زيد وكعب الأحبار ولا خلاف في
__________
(1) أخرجه البخاري في الأذان باب 100، 102، وتفسير سورة 95، في الترجمة، باب 1، والتوحيد باب 52، ومسلم في الصلاة حديث 175، 177، وأبو داود في الصلاة باب 150، والسفر باب 6، والترمذي في الصلاة باب 114، وتفسير سورة 95، باب 1، والنسائي في الافتتاح باب 72، 73، وابن ماجة في الإقامة باب 10، ومالك في النداء حديث 27، وأحمد في المسند 4/ 298، 302.
(2) انظر الجامع لأحكام القرآن 20/ 111.

الصفحة 419