كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

وأن مرة النون توطئة وتيسير عليه، كما كان بدء نوبته الرؤيا الصادقة ليسهل عليه أمر النبوة، فإنه أمر عظيم تضعف عنه القوى البشرية، وكذلك الإسراء سهلت عليه بالرؤيا؛ لأن هوله عظيم، فجاءت اليقظة على توطئة وتقدمة، رفقًا من الله بعبده وتسهيلًا عليه.
وقد جوز بعض قائلي ذلك أن تكون قصة المنام قبل المبعث، لأجل قول شريك في روايته: "وذلك قبل أن يوحى إليه"، وسيأتي البحث في ذلك إن شاء الله تعالى.
واحتج القائلون بأنه أربع إسراءات يقظة بتعدد الروايات في الإسراء، واختلف ما يذكر فيها، فبعضهم يذكر شيئًا لم يذكر الآخر، وبعضهم يسقط شيئًا ذكره الآخر.
وأجيب: بأنه لا يدل على التعدد؛ لأن بعض الرواة قد يحذف بعض الخبر للعلم به، أو ينساه، وقال الحافظ ابن كثير: من جعل كل رواية خالفت الأخرى
__________
كما قالت عائشة: أول ما بدئ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرؤيا الصادقة، وفي رواية: الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، "ليسهل عليه" بالرؤيا "أمر النبوة، فإنه أمر عظيم تضعف عنه القوى البشرية"، فقد ذكر أبو ميسرة التابعي الكبير، وغيره؛ أن ذلك وقع في المنام، وجمعوا بينه وبين حديث عائشة؛ بأن ذلك وقع مرتين كما في الفتح، "وكذلك الإسراء سهلت" قصته عليه "بالرؤيا" في النوم قبل اليقظة؛ "لأن هوله عظيم، فجاءت اليقظة على توطئة وتقدمة رفقًا من الله بعبده وتسهيلًا عليه".
"وقد جوز بعض قائلي ذلك؛ أن تكون قصة المنام قبل المبعث لأجل قول شريك" بن أبي نمر "في روايته" عن أنس؛ "وذلك قبل أن يوحى إليه، وسيأتي البحث في ذلك إن شاء الله تعالى" قريبًا مع الجواب عن إشكاله بالإجماع، على أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء فكيف يكون قبل الوحي.
"واحتج القائلون، بأنه أربع إسراءات يقظة،" كما ذهب إليه جماعة "بتعدد الروايات في الإسراء واختلاف ما يذكر فيها، فبعضهم يذكر شيئًا لم يذكره الآخر، وبعضهم يسقط شيئًا لم يذكره الآخر، وبعضهم يسقط شيئًا ذكره الآخر، وأجيب بأنه لا يدل على التعدد؛ لأن بعض الرواة قد يحذف بعض الخبر للعلم به أو ينساه،" أو ما يذكر هو الأهم عنده، أو ينشط تارة فيسوقه كله، وتارة يحدث المخاطب با هو أنفع له.

الصفحة 10