كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)
وينظر فيما يعمله كثير من فقراء اليمن بمكة المشرفة وجدة وغيرهما من ماء قشر اللبن ويسمونه بالقهوة، وهو اسم من أسماء الخمر.
وفي حديث ابن عباس -عند أحمد-: فلما أتى المسجد الأقصى قام يصلي، فلما انصرف جيء بقدحين في أحدها لبن، وفي الآخر عسل، فأخذ اللبن.
وفي رواية البزار: بثلاث أوان، وأن الثالث كان خمرًا، وأن ذلك وقع ببيت المقدس، وأن الأول كان ماء، ولم يذكر العسل.
وفي حديث شداد بن أوس: "فصليت من المسجد حيث شاء الله، وأخذني
__________
قال: والذي يرفع الإشكال؛ أن المراد تفويض الأمر في تحريم ما يحم، وتحليل ما يحل إلى اجتهاده -صلى الله عليه وسلم-، وسداد نظره المعصوم، فلما نظر فيهما أداه اجتهاده إلى تحريم الخمر وتحليل اللبن، فوافق الصواب في حكم الله تعالى، فقال له جبريل: أصبت، وفيه اجتهاده فيما لم يوح إليه فيه، وهي مسألة خلاف، وهذا الحديث يحقق الجواز مع اتفاق المسلمين على أن اجتهاده معصوم، من الخطأ بخلاف غيره من العلماء.
"وينظر فيما يعلمه كثير من فقراء اليمن بمكة المشرفة وجدة": بضم الجيم، ساحل البحر بمكة، "وغيرهما من ماء قشر البن"، ثم صاروا بعد ذلك يعملونه من البن أيضًا، ويسمونه بالقهوة، وهو اسم من" أشهر "أسماء الخمر"، هل يحرم تناوله لتسميتهم بالخمر، فكأنهم شهبوه بها، وجوابه لا حرمة؛ لأنه لا يشرب على الهيئة التي يشرب عليها الخمر، ومجرد تسميته قهوة لا يقتضي أن يعطى حكمها.
"وفي حديث ابن عباس عند أحمد؛ فلما أتى المسجد الأقصى، قام يصلي، فلما انصرف" من صلاته بالأنبياء، "جيء بقدحين، في أحدهما لبن، وفي الآخر عسل، فأخذ اللبن"، وهاذ موافق لرواية مسلم؛ أن إتيانه بالآنية كان ببيت المقدس قبل المعراج، ومر لفظه قريبًا.
"وفي رواية البزار" من حديث أبي هريرة، أنه جيء له "بثلاث أوان، وأن الثالث كان خمرًا، وأن ذلك وقع ببت المقدس، وأن الأول كان ماء، ولم يذكر العسل"، وأخرجه ابن عائذ من هذا الوجه في حديث المعراج بعد ذكر إبراهيم قال: "ثم انطلقنا، فإذا نحن بثلاثة آنية مغطاة، فقال لي جبريل: يا محمد ألا تشرب مما سقاك ربك، فتناولت إحداها، فإذا هو عسل، فشربت منه قليلا، ثم تناولت الآخر، فإذا هو لبن، فشربت منه حتى رويت، قال: ألا تشرب من الثالث، قلت: قد رويت، قال: وفقك الله".
"وفي حديث شداد بن أوس" عند البزار، والطبراني، والبيهقي: "فصليت" في جانب