كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

ووقع في رواية بريدة عند البزار: "لما كان ليلة أسري بي، فأتى جبريل الصخرة التي ببيت المقدس فوضع أصبعه فيها فخرقها، فشد البراق"، ونحوه للترمذي.
وفي حديث أبي سعيد عند البيهقي: "حتى أتيت ببيت المقدس، فأوثقت دابتي بالحلقة التي كانت الأنبياء ترطبها فيه، فدخلت أنا وجبريل بيت المقدس،
__________
قال الحافظ: والجواب عنه منع التلازم في الصلاة إن كان أراد بقوله: كتب عليكم الفرض، وأن أراد التشريع، فنلتزمه، وقد شرع النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه، فقرنه بالمسجد الحرام ومسجده في شد الرحل، وذكر فضيلة الصلاة فيه في غير ما حديث.
"ووقع في رواية بريدة عند البزار: "لما كان ليلة أسري بي، فأتى جبريل الصخرة"، بالفاء، في جواب لما، وهو قليل، أجازه ابن مالك ورده ابن هشام "التي ببيت المقدس" التي كانت قبلة.
قال البرقي في غريب الموطأ: هي من غرائب الدنيا، فإن جميع المياه تخرج من تحتها، وهي صخرة صماء في وسط المسجد الأقصى، كجبل بين السماء والأرض، معلقة لا يمسكها إلا الله، وفي أعلاها موضع قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- حين ركب البراق ليلة الإسراء، فمالت من تلك الجهة من هيبته، وفي الجهة الأخرى أثر أصابع الملائكة التي أمسكتها إذا مالت، وكان بعضها أبعد من الأرض من بعض، وتحتها غاز عليه باب يفتح لمن يدخله للصلاة والدعاء.
"فوضع أصبعه فيها، فخرقها، فشد بها البراق، ونحوه للترمذي"، وابن حبان والحاكم، وصححه عن بريدة، قال: قال -صلى الله عليه وسلم-: "لما أنتهينا إلى بيت المقدس ليلة أسري بي، قال جبريل: بأصبعه، فخرق بها الحجر، وشد به البراق"، والمراد بالحجر صخرة بيت المقدس: كما في رواية البزار، فلذا اختار سياقه لصراحته، والجمع بين هذا وبين قوله في حديث أنس عند مسلم: "فربطته بالحلقة التي كانت تربط بها الأنبياء"، ما قاله بعضهم؛ أنه -صلى الله عليه وسلم- ربطه أولًا بالحلقة تأدبًا واتباعًا للأنبياء، فأخذه جبريل وحله من الحلقة، وخرق الصخرة وشده بها، كأنه يقول: أنت لست ممن يكون مركوبه بالباب، بل أنت أعلى وأغلى، قلا يكون مركوبك إلا في داخل المحل، وهذا أمر مشاهدج في العادة بين الكبراء، وأما جواب الطيبي؛ بأن المراد بالحلقة الموضع الذي كان فيه الحلقة، وقد اشتد، فخرقه جبريل فرده النجم؛ بأن الحلقة وموضعها الباب، والذي خرقه جبريل بأصبعه إنما هو الصخرة، وهي داخل المسجد بعيدة عن الباب انتهى.
"وفي حديث أبي سعيد عند البيهقي: حتى أتيت بيت المقدس، فأوثقت دابتي بالحلقة التي كانت الأنبياء تربطها فيه، فدخلت أنا وجبريل بيت المقدس، فصلى كل

الصفحة 103