كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

مرة على حدة فأثبت إسراءات متعددة فقد أبعد وأغرب، وهرب إلى غير مهرب، ولم يحصل على مطلب، ولم ينقل ذلك عن أحد من السلف، ولو تعدد هذا التعدد لأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته، بذلك ولنقله الناس على التعدد والتكرار. انتهى.
وقد وقع في رواية عبثر بن القاسم الزبيدي -بموحدة ثم مثلثة بوزن جعفر- في روايته عن حصين بن عبد الرحمن، عند الترمذي والنسائي: لما أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- جعل يمر بالنبي ومعه الواحد، الحديث، فإن كان ذلك محفوظًا
__________
"وقال الحافظ ابن كثير: من جعل كل رواية خالقت الأخرى مرة على حدة، فأثبت إسراءات متعددة فقد أبعد وأغرب"، جاء بشيء غريب لا يعرف، "وهرب إلى غير مهرب"، يعني أن ذلك لا يجد به نفعًا في دفع التعارض، "ولم يحصل على مطلب"، حذف من كلام ابن كثير في تاريخه تعليله بقوله؛ لأن كل السياقات فيها تعريفه بالأنبياء، وفي كلها تفرض عليه الصلاة، فكيف يدعي تعدد ذلك، هذا في غاية البعد، ووصله بقوله: "ولم ينقل ذلك عن أحد من السلف، ولو تعدد هذا التعدد لأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته بذلك، ولنقله الناس على التعدد والتكرار،" ولم يقع ذلك. "انتهى".
ونحوه في الفتح، وزاد: ويلزم أيضًا وقوع التعدد في سؤاله -صلى الله عليه وسلم- عن كل نبي، وسؤال أهل كل باب هل بعث إليه وفرض الصلوات الخمس وغير ذلك؟، فإن تعدد مثل ذلك في القصة لا يتجه، فتعين رد بعض الروايات المختلفة إلى بعض أو الترجيح.
وقال ابن القيم: هذه طريقة ضعفاء الظاهرية الذين إذا رأوا في القصة لفظة تخالف سياق بعض الرواة جعلوه مرة أخرى، فكلما اختلفت عليهم الرواة عددوا لهم الوقائع والصواب الذي عليه أئمة النقل؛ أن الإسراء كان مرة واحدة بمكة بعد البعثة، ويا عجبًا لهؤلاء الذين زعموا أنه وقع مرارًا كيف ساغ أن يظنوا أنه في كل مرة تفرض عليه الصلاة خمسين، ثم يتردد بين ربه تعالى وبين موسى حتى يظنوا أنه في كل مرة تفرض عليه الصلاة خمسين، ثم يتردد بين ربه تعالى وبين موسى حتى تصير خمسًا، فيقول: أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي، ثم يعيدها في المرة الثانية خمسين، ثم يحطها عشرًا عشرًا.
"وقد وقع رواية عبثر بن القسم الزبيدي" "بضم الزاي" أبو زبيد، كذلك الكوفي الثقة من رجال الجميع، مات سنة تسع وسبعين ومائة، وعبثر بفتح العين المهملة، و"بموحدة" ساكنة، "ثم مثلثة" مفتوحة، ونسخحة فمثناة تحريف، فالذي في التقريب: وفتح المثلثة "بوزن جعفر في روايته عن حصين بن عبد الرحمن" السلمي، الكوفي، ثقة، روي له الجماعة وتغير حفظه في الآخر، مات سة ست وثلاثين ومائة، وله ثلاث وتسعون سنة.
"عند الترمذي والنسائي: لما أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- جعل يمر بالنبي ومعه الواحد ...

الصفحة 11