كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

وفي رواية ابن أبي حاتم في تفسيره، عن أنس: لما بلغ بيت المقدس، فبلغ المكان الذي يقال له: باب محمد، أتى إلى الحجر الذي به فغمز جبريل بأصبعه فثقبه ثم ربطها، ثم صعدا، فلما استويا في سرحة المسجد قال جبريل: يا محمد، هل سألت ربك أن يريك الحور العين؟ قال: "نعم"، قال: فانطلق إلى أولئك النسوة
__________
إلى بلادهم وأوطانهم، فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيطؤون بلادهم لا يطؤون على شيء إلا أهلكوه، ولا يمرون على ماء إلا شربوه، ثم ترجع الناس إلي فيشكونهم، فأدعوا الله عليهم، فيهلكهم ويميتهم حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم، فينزل الله المطر، فيجترف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر، ثم تنسف الجبال، وتمد الأرض مد الأديم، ففيما عهد إلي ربي أن ذلك إذا كان كذلك، فإن الساعة كالحامل المتم، لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادتها، ليلًا أو نهارًا، وتجوى "بالجيم": أي تنتن وقوله: فيهلكه الله إذا رآني، أي: على يدي، بقتلي له بعد هروبه، لا بمجرد رؤيته، وقوله: حتى إن الشجر غاية لمقدر، ففي حديث أبي أمامة عند ابن ماجه، وصححه ابن خزيمة والحاكم، مرفوعًا: "فإذا انصرف، أي: من الصلاة خلف المهدي، قال عيسى: افتحوا الباب، فيفتحون وراءه الدجال، معه سبعون ألف يهودي، كلهم ذو سيف محلى، وساج، فإنا نظر إليه الدجال ذاب، كما يذوب الملح في الماء، وينطلق هارًا، ويقول عيسى: إن لي فيك ضربة لن تسبقني، فيدركه عند باب لد الشرقي، فيقتله، فيهزم الله اليهود فلا يبقى شيء مما خلق الله عز وجل، تتوافى به دابة إلا الغرقدة، فإنها من شجرهم، لا تنطق، إلا قال: يا عبد الله المسلم هذا يهودي فتعال اقتله".
"وفي رواية ابن أبي حاتم في تفسيره، عن أنس: لما بلغ بيت المقدس، فبلغ"، أي: فسار حتى بلغ، "المكان الذي يقال له باب محمد" الآن بعد دخوله -صلى الله عليه وسلم- منه، ويحتمل أنه كان معروفًا عندهم قبل المعراج، وبهاذ الاسم من الأنبياء والكتب القديمة، "أتى إلى الحجر" جواب لما "الذي به" وهو الصخرة المعروفة، "فغمز جبريل بإصبعه، فثقبه، ثم ربطها" أي: الدابة، وهو البراق، وفي نسخة: ثم "صعدا" أي: مرا بعد ربط البراق، وإلا فلا معنى للصعود هنا، وأكثر النسخ بإسقاطها وهي ظاهرة.
"فلما استويا في سرحة" بسين مهملة وراء وحاء، أي: فناء "المسجد"، أي ساحته التي في وسطه، وفي نسخة: صراحة المسجد بصاد مهملة، وهي ظاهرة، أي: ساحته وفي نسخة: عرضه المسجد، أي: ساحته التي لا بناء فيها، ونقل الشامي هذا الحديث بعينه، بلفظ: في صخرة المسجد، أي: عندها.
"قال جبريل: يا محمد هل سألت ربك أن يريك الحور العين": بكسر العين جمع عيناء، حسنة العينين واسعتهما، والحور: النساء البيض، اللواتي بأعينهن حور، وهو شدة بياض بياضها،

الصفحة 112