كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)
صلى بهم بعد العروج فتكون الصبح.
قال ابن كثير: ومن لناس من يزعم أنه أمهم في السماء، والذي تظاهرت به الروايات أنه ببيت المقدس، والظاهر أنه بعد رجوعه إليهم؛ لأنه لما مر بهم في منازلهم جعل من يسأل جبريل عنهم واحدًا بعد واحدًا، وهو يخبره بهم، ثم قال: وهذا هو اللائقق؛ لأنه أولًا كان مطلوبًا إلى الجناب العلوي، ليفرض الله عليه وعل أمته ما يشاء، ثم لما فرغ مما أريد به اجتمع هو وإخوانه من النبيين، ثم أظهر شرفه عليهم بتقدمه في الإمامة.
وفي رواية ابن إسحاق: أنه عليه السلام قال: "لما فرغت مما كان في بيت
__________
"قال ابن كثير: ومن الناس من يزعم أنه أمهم في السماء، والذي تظاهرت به الروايات أنه ببيت المقدس"، فهو الواجب القبول، "والظاهر أنه بعد رجوعه إليهم؛ لأنه لما مر بهم في منازلهم" من السماوات "جعل من يسأل جبريل عنهم واحدًا بعد واحد، وهو يخبره بهم"، فلو رآهم قبل العروج ما حسن السؤال ولا الجواب، ولكن هذا عقلي يدفعه قوله: ثم دخلت المسجد، فعرفت النبيين ما بين قائم، وراكع وساجد، والسؤال عنهم بعد ذلك في السماوات لا يستلزم أنه لم يرهم قبل، لجواز اختلاف الصفة.
وقد نقل الحافظ، أن رؤيته الذين صلوا ببيت المقدس تحتمل الأرواح خاصة، والأرواح بأجسادها، وأما في السماء، فمحمولة على الأرواح إلا عيسى، لما أثبت أنه رفع بجسده، وقد قيل في إدريس أيضًا ذلك، ويأتي ذلك للمصنف.
"ثم قال" ابن كثير: "وهذ هو اللائق؛ لأنه أولًا كان مطلوبًا إلى الجناب العلوي، ليفرض الله عليه وعلى أمته ما يشاء، ثم لما فرغ مما أريد به اجتمع هو وإخوانه من النبيين"، وهذا أيضًا عقلي لا ينهض حجة في المدعي؛ لأنه قدم على هذا الأمر العظيم الذي ليس في طوق بشر يناسبه بالانتقال من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وما رآه في سيره من الآيات، ثم دخوله الأقصى وصلاته ركعتين، فناسب أن يجتمع بإخوانه ليزيد إيناسه بالاجتماع بجنسه "ثم أظهر شرفه عليهم بتقديمه في الإمامة"، ثم ثناء من أثنى منهم على ربه، وزيادة ثنائه عليهم، وقول إبراهيم: بهذا فضلكم محمد، فيتلقى المعراج بقلب قوي، فلا يكون عنده وحشة في العالم العلوي.
"وفي رواية ابن إسحاق"، عن أبي سعيد، "أنه عليه السلام قال: "لما فرغت مما كان في بيت المقدس" من صلاته الركعتين، وصلاته بالأنبياء وثنائهم على الله، "أتي بالمعراج"