كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)
لأجله، فلما فتحت له تحقق غليه السلام أن المحل مصون، وأن فتح له كرامة وتبجيل.
وأما قوله في الحديث: "أرسل إليه"؟ وفي رواية وقد "بعث إليه"؟ فيحتمل أن يكون استفهم عن الإرسال إليه للعروج إلى السماء، وهو الأظهر لقوله: "إليه"؛ لأن أصل بعثه قد اشتهر في الملكوت الأعلى.
وقيل: سألوا تعجبًا من نعمة الله تعالى عليه بذلك، أو استبشارًا به، وقد علموا أن بشرًا لا يترقى هذا الترقي إلا بإذن من الله تعالى، وأن جبريل لا يصعد بمن لم يرسل إليه.
قيل: إن الله تعالى أراد أراد إطلاع نبيه على أنه معروف عند الملأ الأعلى،
__________
لم يتحرر"، أي: لم يعلم "أنها فتحت لأجله"، ولا بد، بل كان يحتمل أنها مفتوحة دائمًا، وأنها فتحت لغيره، تصادف مجيئه بعده، "فلما فتحت له تحقق عليه السلام أن المحل مصون، وأن فتحه له كرامة وتبجيل": تعظيم وقال ابن دحية: وإنما لم تهيأ له بالفتح قبل مجيئه، وإن كان أبلغ في الإكرام؛ لأنه لو رآها مفتحة لظن أنها لا تزال كذلك، ففعل ذلك ليعلم أن ذلك فعل من أجله؛ ولأن الله تعالى أراد أن يطلعه على كونه معروفًا عند أهل السماوات.
"وأما قوله في الحديث: أرسل إليه"، بهمزة واحدة، ولأبي ذر: أأرسل بهمزتين، الأولى للاستفهام، والثانية للتعدية، وهي مضمومة، وللكشميهني أوأرسل، بواو مفتوحة بين الهمزتين.
"وفي رواية" لشريك عن أنس: "وقد بعث إليه، فيحتمل أن يكون استفهم عن الإرسال إليه للعرود إلى السماء" والإسراء، "وهو الأظهر لقوله: إليه"، إذ لو كان المراد أصل البعثة، لم يحتج لقوله إليه؛ "لأن أصل بعثه قد اشتهر في الملكوت الأعلى"، فلا يخفى عليهم إلى هذه المدة.
قال الحافظ: بعدها استظهر هذا تبعًا لابن المنير وغيره: ويحتمل أن يكون خفي عليه أصل إرساله لاشتغاله بعبادته، قال: ويؤيده رواية شريك: وقد بعث إليه. انتهى، وقد يقال: لا تأييد فيه؛ لأن المراد البعث الخاص للإسراء وصعود السماوات، لا عن أصل البعثة.
"وقيل: سألوا تعجبًا من نعمة الله تعالى عليه بذلك، أو استبشارًا به، وقد علموا أن بشرًا لا يترقى هذا الترقي إلا بإذن الله تعالى"، إذ لا قدرة له على ذلك حتى يأذن، "وأن جبريل لا يصعد بمن لم يرسل إليه"، فليس سؤالًا حقيقيًا.
"وقيل: إن الله تعالى أراد اطلاع نبيه على انه معروف عند الملأ الأعلى؛ لأنهم