كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)
لأنهم قالوا: وقد بعث إليه؟ أو: أرسل إليه؟ فدل على أنهم كانوا يعرفون أن ذلك سيقع له، وإلا لكانوا يقولون: ومن محمد مثلًا؟ ولذلك أجابوا بقولهم: مرحبًا به ولنعم المجيء جاء، وكلامهم بهذه الصيغة أدل دليل على ما ذكرناه من معرفتهم بجلالته وتحقيق رسالته؛ ولأن هذا أحسن ما يكون من حسن الخطاب والترفيع، على المعروف من عادة العرب.
وأما قوله: "من معك"؟ فيشعر بأنهم أحسوا به عليه الصلاة والسلام، وإلا لكان السؤال بلفظ: أمعك أحد؟ وهذا الإحساس إما بمشاهدة لكون السماء شفافة، وإما لأمر معنوي كزيادة أنوارها ونحوه، قاله الحافظ ابن حجر.
ولعله أخذه من كلام العارف ابن أبي جمرة، حيث قال في "بهجته": الثاني أن يكون سؤالهم له لما رأوا حين رأوا إقبالهم عليه من زيادة الأنوار وغيرها من
__________
قالوا: وقد بعث إليه"، بحذف همزة الاستفهام، للعلم بها، "أو أرسل إليه"، بحذفها وإثباتها روايتان كما علم، "فدل على أنهم كانوا يعرفون أن ذلك سيقع له" -صلى الله عليه وسلم- "وإلا لكانوا يقولون: ومن محمد مثلًا، ولذلك أجابوا بقولهم: مرحبًا به، ولنعم المجيء جاء، وكلامهم بهذه الصيغة أدل دليل على ما ذكرناه من معرفتهم بجلالته وتحقيق رسالته؛ ولأن هذا أحسن ما يكون من حسن الخطاب والترفيع": المبالغة في إظهار قدره وشرفه بين الملائكة، بناء "على المعروف من عادة العرب"، فيمن خاطبوه بذلك، وهذا ذكره ابن أبي جمرة.
وذكر ابن المنير: أن موقع قول الخازن، وقد بعث إليه استنطاق جبريل بالسبب الموجب للإذن، والفتح؛ لأن مجرد قوله: معي محمد، لا يوجب الإذن إلا بواسطة البعث من الله تعالى، ويلزم منه الإذن في إزالة الموانع وفتح أبواب السماء، فلم يتوقف الخازن على أن يوحى إليه بالفتح؛ لأنه لزم عنده من البعث الإذن.
"وأما قوله: من معك، فيشعر بأنهم أحسوا به عليه الصلاة والسلام"، لفظ الحافظ؛ بأنهم أحسوا عه برفيق، "وإلا لكان السؤال بلفظ أمعك أحد؟، وهذا الإحساس إما بمشاهدة لكون السماء شفافة" لا تحجب ما وراءها، "وإما لأمر معنوي، كزيادة أنوار ونحوها، قاله الحافظ ابن حجر" في فتح الباري: "ولعله أخذه من كلام العارف ابن أبي جمرة، حيث قال في بهجته"، أي: كتابه بهجة النفوس وتحليلها بمعرفة ما لها وعليها، وهو اسم شرحه على الأحاديث التي انتخبها من البخاري.
"الثاني: أن يكون سؤالهم له" لجبريل، "لما رأوا حين رأوا إقبالهم عليه" على جبريل "من