كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)
يمينه وشماله نسم بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر عن شماله بكى.
فالأسودة: بوزن أزمنة، مفرد سواد، هي الأشخاص.
والنسيم: بالنون والسين المفتوحتين جمع نسمة، وهي الروح.
وقد قال القاضي عياض: جاء أن أرواح الكفار في سجين، وأن أرواح المؤمنين منعمة في الجنة، يعني: فكيف تكون مجتمعة في سماء الدنيا؟
__________
الأنبياء تمنى أن يلحق بالصالحين، ولا يتمنى الأعلى أن يلحق بالأدنى، فهذا يحقق أن صلاح الأنبياء غير صلاح الأمم، ومن دونهم الأمثل فالأمثل، فكل واحد يستحق اسم الصلاح على قدر ما زال به، أو منه من الفساد.
"قلت لجبريل: "من هذا"؟، قال: هذا آدم"، ظاهره أنه سأله عنه بعد أن قاله له آدم مرحبًا ورواية مالك بن صعصعة بعكس ذلك، وهي المعتمدة فتحمل هذه عليها، إذ ليس في هذه أداة ترتيب كذا في فتح الباري، وتبعه الشامي، أي: لأنه لم يقل هنا، فقلت لجبريل، بالفاء، إنما قال قلت: فيحمل على أن القول وقع قبل قول آدم مرحبًا، والمراد بالعكس المخالفة، فلظ رواية ابن صعصعة: "فلما خلصت، فإذا فيها آدم، فقال: هذا أبوك آدم، فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح".
"وهذه الأسودة التي عن يمينه وشماله نسيم بنيه": أرواحهم، "فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر قبل يمينه ضحك" سرورًا، "وإذ نظر قبل شماله بكى" حزنًا، "فالأسودة بوزن أزمنة مفرد سواد" بوزن زمان، "هي الأشخاص" من كل شيء وتطلق بمعان آخر، "والنسيم: بالنون والسين المفتوحتين، جمع نسمة" بزنة قصب وقصبة "وهي الروح" بيان للمراد بها هنا، وإلا ففي المصباح النسم والنسمة نفس الريح، ثم سميت به النفس بالسكون.
قال الحافظ: وحكى ابن التين؛ أنه رواه شيم: "بكسر الشين المعجمة وفتح الياء آخر الحروف بعدها ميم"، وهو تصحيف وظاهره أن أرواح بني آدم من أهل الجنة والنار في السماء، وهو مشكل.
"وقد قال القاضي عياض: جاء أن أرواح الكفار في سجين": مكان يعذبون فيه أسفل السافلين، كما في ابن المنير وفي المصنف: في سجين الأرض السابعة، وفي القاموس: سجين موضع فيه كتاب الفجار، وواد في جهنم.
"وأن أرواح المؤمنين منعمة في الجنة"، روى الطبراني والبيهقي بسند حسن عن أم