كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

بالشمس فقيل له: لا تفتخر، فإن كانت الشمس الدنيا تشرق فيك فسيعرج شمس الوجود في الليل إلى السماء، وقيل: لأنه -صلى الله عليه وسلم- سراج، والسراج إنما يوقد بالليل، وأنشد:
قلت: يا سيدي فلم تؤثر الليـ ... ـل على بهجة النهار المنير
قال: لا أستطيع تغيير رسمي ... هكذا الرسم في طلوع البدور
إنما زرت في الظلام لكيما ... يشرق الليل من أشعة نوري
فإن قلت: أيما أفضل، ليلة الإسراء أم ليلة القدر؟
فالجواب: كما قاله الشيخ أبو أمامة بن النقاش -أن ليلة الإسراء أفضل في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- من ليلة القدر، وليلة القدر أفضل في حق الأمة؛ لأنها لهم خير لهم
__________
لا تفتخر، فإن كانت شمس الدنيا تشرق فيك فسيعرج شمس الوجود في الليل إلى السماء،" وهذا أيضًا من كلام أهل الإشارات، "وقيل: لأنه -صلى الله عليه وسلم- سراج"، كما قال تعالى: {وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 46] الآية، "والسراج إنما يوقد بالليل"، أي: إنما يحصل الانتفاع بإيقاده ليلًا، ويذم بإيقاده نهارًا.
قال الفرزدق:
فك والد لك يا جرير كأنه ... قمر المجرة أو سراج نهار
"وأنشد" في ذلك المعنى يقول:
"قلت: يا سيدي فلم تؤثر الليـ ... ـل على بهجة النهار المنير
قال: لا أستطيع تغيير رسمي ... هكذا الرسم في طلوع البدرو
إنما زرت في الظلام لكيما ... يشرق الليل من أشعة نوري"
وحاصل معنى الأبيات أنه سأل محبوبه عن حكمة زيارته ليلًا دون النهار، فقال: أنا بدر، وهو إنما يظهر أثره ليلًا ولا يستطيع تغيير ذلك الأثر، وإن في زيارته ليلًا فائدة لا تظهر لو زاره نهارًا، وهي إشراق الليل بنوره، فصار الليل في حقه كالنهار في الإضاءة والإشراق.
"فإن قلت: إيما أفضل ليلة الإسراء أم ليلة القدر" التي هي خير من ألف شهر؟، "فالجواب كما قاله الشيخ أبو أمامة بن النقاش، أن ليلة الإسراء أفضل في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- من ليلة القدر،" لما أكرم به فيها من خوارق العادات التي أجلها رؤيته لله تعالى على الصحيح.
"وليلة القدر أفضل في حق الأمة؛ لأنها" أي: العمل فيها "خير لهم من عمل في ثمانين سنة لمن قبلهم"، بإلغاء الكسر، وهو ثلاث سنين وثلث سنة، بناء على أن المراد حقيقة العدد

الصفحة 17