كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)
من عمل في ثمانين سنة لمن قبلهم، وأما ليلة الإسراء فلم يأت في أرجحية العمل فيها حديث صحيح ولا ضعيف، ولذلك لم يعينها النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه، ولا عينها أحد من الصحابة بإسناد صحيح، ولا صح إلى الآن ولا إلى أن تقوم الساعة فيها شيء، ومن قال فيها شيئًا فإنما قال من كيسه لمرجع ظهر له استأنس به، ولهذا تصادمت الأقوال فيها وتباينت، ولم يثبت الأمر فيها على شيء، ولو تعلق بها نفع للأمة، ولو بذرة، لبينه لهم نبيهم -صلى الله عليه وسلم- انتهى.
__________
وهو ألف شهر، وصدر البيضاوي، بأن المراد التكثير.
"وأما ليلة الإسراء فلم يأت في أرجحية العمل فيها حديث صحيح،" أراد به ما يشمل الحسن بدليل قوله، "ولا ضعيف، ولذلك لم يعينها النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه، ولا عينها أحد من الصحابة بإسناد صحيح، ولا صح إلى الآن، ولا" يصح "إلى أن تقوم الساعة فيها شيء"؛ لأنه إذا لم يصح من أول الزمان، لزم أن لا يصح في بقيته، لعدم إمكان تجدد واحد عادة يطلع على ذلك بعد الزمن الطويل، وهذا لا يشكل عليه ما قيل أنه كان ليلة سبع عشرة، أو سبع وعشرين خلت من شهر ربيع الأول، أو سبع وعشرين من رمضان، أو من ربيع الآخر، أو من رجب، واختير وعليه العمل؛ لأن ابن النقاش لم ينف الخلاف فيها من أصله، وإنما نفى تعيين ليلة بخصوصها للإسراء وأنها أصح.
"ومن قال فيها شيئًا، فإنما قال من كيسه"، أي: من عند نفسه دون استناد لنص يعتمد عليه "لمرجع ظهر له، استأنس به" لما جزم به، "ولهذا" أي: عدم إتيان شيء فيها "تصادمت الأقوال فيها وتباينت، ولم يثبت الأمر فيها على شيء ولو تعلق بها نفع للأمة ولو بذرة"، أي: شيئًا قليلًا جدًا "لبينه لهم نبيهم -صلى الله عليه وسلم-"؛ لأنه حريص على نفعهم. "انتهى" كلام أبي أمامة.
زاد الشامي عقبه: ويؤخذ من قول الإمام البلقيني في قصيدته التي مدخ فيها المصطفى:
فأولاك رؤيته في ليلة فضلت ... ليالي القدر فيها الرب رضاكا
إن ليلة الإسراء أفضل من لية القدر، قال في الاصطفاء: ولعل الحكمة في ذلك اشتمالها على رؤيته تعالى التي هي أفضل كل شيء، ولهذا لم يجعلها ثوابًا عن عمل من الأعمال مطلقًا بل من بها على عباده يوم القيامة تفضلًا منه تعالى انتهى، لكن هذا لا يصادم كلام ابن النقاش، إذ ليس في النظم أنها أفضل في حق الأمة وإن كان فضل الزمان، والمكان لا يختص بالعمل فيهما عل ما رجحه الشهاب القرافي وغيره، فهو خاص بتلك الليلة، لا يتعداها لمماثلها كل سنة لعدم ورود شيء فيه.
وفي الهدى لابن القيم، أن ابن تيمية سئل هل ليلة الإسراء أفضل أم ليلة القدر؟ فأجاب،