كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

"ثم أتيت بدابة، دون البغل وفوق الحمار أبيض" -فقال له الجارود: هو البراق يا أبا حمزة؟ قال أنس: نعم -يضع خطوه عند أقصى طرفه، فحملت عليه، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا، فاسفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قال:
__________
"في الصلاة: ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا، فأفرغه في صدري، ثم أطبقه" "ثم أتيت" بضم الهمزة، "بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض"، ذكر باعتبار كونه مركوبًا أو نظرًا للفظ البراق، وحكمة كونه بهذه الصفة الإشارة إلى أن الركوب في سلم وأمن لا في حرب وخوف، أو لإظهار المعجزة بوقوع الإسراع الشديد بدابة لا توصف بذلك عادة.
"فقال له الجارود: هو البراق" استفهام حذفت أداته "يا أبا حمزة" بمهملة وزاي، كنية أنس، "قال أنس "نعم": هو البراق بضم المواحجة وتخفيف الراء، ضبطه الحافظ وغيره، وكثيرًا ما يخطئ المتشدقون، فيقرؤنه بكسر الباء، "يضع خطوه" بفتح المعجمة المرة الواحدة وبضمنا الفعلة "عند أقصى طرفه" بسكون الراء، وبالفاء، أي: نظره، أي: يضع رجله عند منتهى ما يرى بصره.
قال الحافظ: والتعبير بالخطو مجاز؛ لأنه مصدر وهو لا يتصف بالوضع، "فحملت عليه" بضم الحاء مبنيًا للمفعول، "فانطلق بي جبريل أتى السماء الدنيا"،ظاهره أنه استمر على البراق حتى عرج إلى السماء، وليس بمراد، بل هذا اختصار من الراوي، ويأتي بسطه للمصنف.
وقال النعماني: ما المانع من أنه -صلى الله عليه وسلم- رقي المعراج فوق ظهر البراق بظاهر هذا الحديث انتهى، والمانع من ذلك ربطه ببيت المقدس، كما يأتي بيانه، "فاستفتح"، أي: طلب فتح باب السماء بقرع أو صوت، والأِشبه الأول؛ لأن صوته معروف، قاله الحافظ، وصرح به في رواية مسلم عن ثابت عن أنس بلفظ: "فقرع الباب.
وفي حديث أبي ذر: قال جبريل لخازن السماء: افتح، فيجمع بينهما بأنه فعل القرع والصوت معًا، والتعليل بمعرفة صوته لا ينهض مع كون السماء شفافة.
وفي حديث أبي سعيد عند البيهقي في ذكر الأنبياء إلى باب من أبواب السماء الدنيا، يقال له باب الحفظة، وعليه مالك يقال له: إسماعيل تحت يده اثنا عشر ألف ملك.
وفي حديث جعفر بن محمد عند البيهقي أيضًا: يسكن الهواء لم يصعد إلى السماء قط، ولم يهبط إلى الأرض قط إلا يوم مات النبي -صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث أبي سعيد عند البيهقي في الدلائل وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك جنده مائة ألف.
"قيل: من هذا" الذي يقرع الباب؟، "قال: جبريل، قال: ومن معك؟ قال: محمد"،

الصفحة 30