كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)
"ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم، قال: هذا أبوك فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام، ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح النبي الصالح.
ثم صعد بي إلى السماء الثانية، فاسفتح قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قال: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به، فنعم
__________
وهذا يشعر بأنهم أحسوا معه برفيق إما بمشاهده؛ لأن السماء شفافة، وإما بأمر معنوي، كزيادة أنوار ونحوها، تشعر بتجدد أثر يحسن معه السؤال بهذه الصيغة، وإلا كان السؤال بلفظ: أمعك أحد؟، "قيل: وقد أرسل إليه" للعروج إلى السماء على الأظهر لقوله إليه؛ لأن أصل بعثه قد اشتهر في الملكوت الأعلى، كما يأتي في المتن، "قال: نعم، قيل: مرحبًا به"، أي: لقي رحبًا "بضم الراء وفتحها وسكون الحاء وبفتحها" وسعة، وكني بذلك عن
الانشراح، "فنعم" لفظ البخاري في المعراج، وله في بدء الخلق، ولنعم "المجيء جاء".
قال ابن مالك: فيه شاهد على الاستغناء
بالصلة عن الموصول، أو الصفة ن الموصوف في باب نعم؛ لأنها تحتاج إلى فاعل هو المجيء وإلى مخصوص، بمعناها وهو مبتدأ مخبر عنه بنعم، وفاعلها، فهو في هذا وشبهه موصول أو موصوف بحاء، والتقدير نعم المجيء الذي جاء، أو نعم المجيء مجيء جاء، وكونه موصولًا أجود؛ لأنه مخبر عنه، والمخبر عنه إذا كان معرفة أولى من كونه نكرة انتهى، فلا حذف فيه ولا تقديم خلافًا لقول المظهري المخصوص المدح محذوف، وفيه تقديم وتأخير تقديره جاء، فنعم المجيء مجيئه، "ففتح" الباب، "فلما خلصت" بفتح اللام، أي: وصلت، "فإذا فيها آدم".
وفي حديث أنس عن أبي ذر عند البخاري في الصلاة: "فإذا رجل قاعد عن يمينه أسودة، وعن يساره أسودة، إذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، فقلت لجبريل: من هذا"؟، "قال: هذا أبوك"، ووقع ذكر الاسم هنا في بعض النسخ، والصواب إسقاطه، إذ ليس في حديث أنس عن مالك بن صعصعة الذي هو في سياق لفظه، وإنما هو في حديث أنس عن أبي ذر، كما في البخاري، "فسلم عليه"، لأن المار يسلم على القاعد، وإن كان المار أفضل، "فسلمت عليه، فرد علي السلام، ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح"، فيه إشارة إلى افتخاره، بأبوة "النبي -صلى الله عليه وسلم- "والصالح" القائم بما يلزمه من حقوق الله وحقوق
العباد، فلذا كانت كلمة جامعة لمعاني الخير وتوارد الأنبياء على وصفة بها، وكررها كل منهم عند كل صفة.
"ثم صعد بي إلى السماء الثانية، فاستفتح" جبريل بابها، "وقيل: من هذا؟ قال: جبريل: قال: ومن معك؟ قال: محمد، "قيل: وقد أرسل إليه؟، قال: نعم، قيل: مرحبًا به،