كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

"ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت إذا إدريس، قال: هذا إدريس فسلم عليه، فسلمت عليه فرد، ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح".
__________
قال ابن المنير، أو المراد غير المصطفى بالمرة، ويأتي بسطه للمصنف، "ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل: قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟، قال: نعم، قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء" الذي "جاء، فلما خلصت، فإذا إدريس"، زاد في حديث أبي سعيد عند ابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي: قد رفعه الله مكانًا عليًا، واستشكل بأنه رأى هرون وموسى وإبراهيم في مكان أرفع منه، واجيب بأن وجهه ما ذكر كعب الأحبار؛ أن إدريس خص من بين جميع الأنبياء برفعه حيًا، رفعه الملك الموكل بالشمس، وكان صديقًا له، وكان إدريس يسأله أن يريه الجنة، فأذن له الله في ذلك، فلما كان في السماء الرابعة، رآه ملك الموت، فعجب، وقال: أمرت أن أقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فقبضه هناك، فرفعه حيًا إلى ذلك المقام، خاص به دون الأنبياء، قاله السهيلي، وتعقبه الحافظ في كتاب الأنبياء، فقال: فيه نظر؛ لأن عيسى أيضًا رعف وهو حي على الصحيح، وكون إدريس رفع وهو حي لم يثبت من طريق مرفوعة قوية.
وروى الطبري، أن كعبًا قال لابن عباس: إن إدريس سأل صديقًا له من الملائكة، فحمله بين جناحيه، ث صعد به، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت، فقال له: أريد أن تعلمني كم بقي من أجل إدريس؟، قال: وأين إدريس؟، قال: هو معي، قال: إن هذا لشيء عجيب، أمرت أن أقبض روحه في السماء الرابعة: فقلت: كيف ذلك وهو في الأرض، فقبض روحه، فذلك قوله تعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 57] الآية، وهذا من الإسرئيليات، والله أعلم بصحته انتهى.
والجواب عن السهيلي؛ أنه قيد خصوصية إدريس برفعه حيًا إلى السماء الرابعة، فلا يرد عيسى؛ لأنه رفع حيًا إلى السماء الثانية، وذكر ابن قتيبة، أن إدريس رفع وهو ابن ثلاثمائة وخمسين سنة.
"قال: هذا إدريس فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد، ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح"، قيل: فيه رد على النسابة في قولهم: إدريس جد نوح، وإلا لقال: والابن الصالح، كما قال آدم، ولا رد فيه؛ لأنه خاطبه بالأخوة نادبًا وتلطفًا، وإن كان أبا، والمؤمنون إخوة وكان وجه الخطاب بذلك لرفعه مكانًا عليًا، "ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة،

الصفحة 33