كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

"آذان الفيلة، قال: هذه سدرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، و"أما الظاهران، فالنيل والفرات.
ثم رفع إلى البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم أتيت".
__________
"بالضم" هي الجرار، يريد أن ثمرها في الكبر مثل القلال، وكانت معروفة عند المخاطبين فلذا وقع التمثيل بها، وهي التي وقع تحديد الماء الكثير بها في قوله: "إذا بلغ الماء قلتين"، "هجر" بتفح الهاء والجيم، بلدة لا تنصرف للتأنيث والعلمية، ويجوز الصرف، "وإذا ورقها مثل آذان الفيلة" بكسر الفاء، وفتح التحتية بعدها لام: جمع فيل، وفي بدء الخلق مثل آذان الفيول، وهو جمع فيل أيضًا، قاله كله في فتح الباري، وقول الزركشي: الفيلة بفتح الفاء والياء سهو، قاله في المصابيح، "قال" جبريل: "هذه سدرة المنتهى"، ووجه تسميتها بذلك بينه -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "وإليها انتهى ما يعرج من الأرض فيقبض منها وإليها، ينتهي ما يبسط من فوقها فيقبض منها": رواه مسلم من حديث ابن مسعود.
قال الحافظ: وأورده النووي بصيغة التمريض، فقال: وحكي عن ابن مسعود، أنها سميت بذلك ... إلخ، فأشعر بضعفه عنده، ولا سيما ولم يصرح برفعه، وهو صحيح مرفوع انتهى، ويأتي بعض هذا في المتن، "وإذا أربعة أنهار" تخرج من أصلها "نهران باطنان، ونهران ظاهران، فقلت: ما هذا يا جبريل؟، قال: أما الباطنان فنهران في الجنة"، ويجريان في أصل سدرة المنتهى، ثم يسيران حيث شاء الله، ثم ينزلان إلى الأرض ثم يسيران فيها، وقال مقاتل: الباطنان السلسبيل والكوثر، كذا في شرح المصنف، ويأتي في المتن أبسط منه، "وأما الظاهران فالنيل" نهر مصر "والفرات" بالفوقية خطا ووقفًا، لا بالهاء نهر بغداد.
قال الحافظ: هذه في القراءات المشهورة، وجاء في قراءة شاذة، أنها هاء تأنيث، وشبهها أبو المظفر بن الليث بالتابوت، والتابوه، "ثم رفع إلى البيت المعمور"، زاد الكشميهني "يدخله كل يوم سبعون ألف ملك"، وتقدمت هذه الزيادة في بدء الخلق بزيادة إذا خرجوا لم يعودوا آخر ما عليهم، كذا وقع مضمومًا إلى رواية قتادة عن أنس، عن مالك بن صعصعة، وهو مدرج من رواية قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة؛ لأن البخاري عقب الحديث في بدء الخلق بقوله، وقال عمام عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في البيت المعمور. قال الحافظ: ثمة يريدان هما ما فصل في سياقه قصة البيت المعمور من قصة الإسراء، فروي أصل الحديث عن قتادة، عن أنس، وقصة البيت عن الحسن البصري، وأما سعيد، وهو ابن أبي عروبة، وهشام وهو الدستوائي، فأدرجا قصة البيت المعمور في حديث أنس، والصواب رواية همام، وهي

الصفحة 36