كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)

المسجد، فأركبه البراق، قال: وقع في مرسل الحسن عند ابن إسحاق أن جبريل أتاه فأخرجه إلى المسجد، فأركبه البراق، وهو يؤيد هذا الجمع.
فإن قيل: لم فرج سقف بيته عليه الصلاة والسلام ونزل منه الملك، ولم يدخل من الباب، مع قوله تعالى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] .
أجيب: بأن الحكمة من ذلك أن الملك انصب من السماء انصبابة واحدة على جهة الاستقامة، ولم يعرج على شيء سواه، فكان نزوله على السقف مبالغة في المفاجأة، وتنبيها على أن الطلب وقع على غير ميعاد، كرامة له عليه الصلاة والسلام.
وهذا بخلاف موسى عليه الصلاة والسلام، فكانت كرامته بالمناجاة عن ميعاد واستعداد بخلاف نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فإنه حمل عنه ألم الانتظار، كما حمل عنه ألم
__________
الملك فأخرجه من المسجد إلى باب المسحد، فأركبه البراق".
"قال" في الفتح: "وقد وقع في مرسل الحسن" البصري "عند ابن إسحاق: أن جبريل أتاه، فأخرجه إلى المسجد، فأركبه البراق، وهو يؤيد هذا الجمع"، تأييدًا قويًا، "فإن قيل: لم فرج سقف بيته عليه الصلاة والسلام، ونزل منه الملك، ولم يدخل من الباب مع قوله تعالى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] "أجيب" كما قال ابن دحية: "بأن الحكمة في ذلك أن الملك انصب"، أي: نزل "من السماء، انصبابة واحدة على جهة الاستقامة، ولم يعرج على شيء سواه"، أي: من غير تعريج عن الجهة التي نزل منها إلى غيرها؛ "فكان نزوله على السقف مبالغة في المفاجأة، وتنبيها على أن اللب وقع على غير ميعاد، كرامة له عليه الصلاة والسلام"، كما أفهمه قوله: بينما أنا نائم، إذ مجيئه له فجأة يشعر بأنه لا موعد بينهما، وكذا قوله: فرج سقف بيتي، إذ لو كان بينهما موعد لانتظر مجيئه له فيه، ولأتاه من الباب على عادة الجائي لمن ينتظره، وفيه إشارة إلى طلب الاستقامة في الأمور وإلى المبادرة إليها، وأخذها من أقرب الطرق، "وهذا بخلاف موسى عليه الصلاة والسلام، فكانت كرامته بالمناجاة" لله سبحانه وتعالى، "عن ميعاد واستعداد" بالصوم قال تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً} ، قال الجلال: أي؛ نكلمه عند انتهائها بأن يصومها، وهي ذو القعدة، فلما تمت أنكر خلوف فمه، فاستاك، فأمره الله تعالى بعشرة أخرى ليكلمه بخلوف فمه، كما قال تعالى: {وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} [الأعراف: 142] الآية، أي: من ذي الحجة، "بخلاف نبينا عليه الصلاة والسلام، فإنه حمل عنه ألم الانتظار" الواقع لموسى مدة الصوم، حتى كلمه ربه، "كما حمل

الصفحة 42