كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)
قوي على أكمل الأحوال من التطهير.
وأما شقه عند إرادة العروج إلى السماء فللتهيؤ للترقي إلى الملأ الأعلى، والثبوت في المقام الأسنى، والتقوى لاستجلاء الأسماء الحسنى، ولهذا لما لم ينفق لموسى عليه السلام مثل هذ التهيؤ لم تتفق له الرؤية، وكيف يثبت الرجل لما لا يثبت له الجبل؟!.
ويحتمل أن تكون الحكمة في هذا الغسل، لتقع المبالغة في الإسباغ بحصول المرة الثالثة، كما تقرر في شرعه عليه السلام.
ثم أن جميع ما ورد من شق الصدر، واستخراج القلب، وغير ذلك من
__________
أراد أن يقطع عليه صلاته، وأمكنه الله منه،" وقدمت لفظ الحديث قريبًا في الخصائص، وإن لفظ عفريت ظاهر في أن المراد غير إبليس، كما قال الحافظ.
"وأما شق الصدر عند البعث فلزيادة الكرامة، وليتلقى ما يوحى إليه بقلب قوي على كمل الأحوال من التطهير،" وكذلك كان.
"وأما شقه عند إرادة العروج إلى السماء، فللتهيؤ للترقي إلى الملأ الأعلى والثبوت في المقام الأسنى، والتقوى لاستجلاء" بالجيم، "الأسماء الحسنى،" يعني رؤية الله سبحانه، بدليل قوله، "ولهذا لما يتفق لموسى عليه السلام مثل هذا التهيؤ، لم تتفق له الرؤية" مع كونه سألها، "وكيف يثبت الرجل لما لا يثبت له الجبل" المذكور في قوله: {لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143] ، والحافظ قال حكمة ذلك ليتأهب للمناجاة، "ويحتمل أن تكون الحكمة في هذا الغسل لتقع المبالغة في الإسباغ بحصول المرة الثلاثة، كما تقرر في شرعه عليه السلام،" كذا أبدى هذا الاحتمال تبعًا للحافظ، مع أنه قال في المقصد الأول.
روى أبو نعيم الشق أيضًا، وهو بن عشر قال: وروى خامسة، ولا تثبت، وحكمته أن العشر قريب من سن التكليف، فشق قلبه وقدس حتى لا يتلبس بشيء مما يعاب على الرجال، إلا أن يكون جعل مرتي الصبا بمنزلة المرة الواحدة.
قال النعماني: وقد سن لداخل الحرم الغسل، فما ظنك بداخل الحضرة المقدسة، فلما كان الحرم من عالم الملك، وهو ظاهر الكائنات نيط الغسل له بظاهر البدن في عالم المعاملات، ولما كانت الحضرة الشريفة من عالم الملكوت، وهو باطن الكائنات، نيط لها الغسل بباطن البدن في التحقيقات، وقد عرج به لتفرض عليه الصلوات، وليصلي بملائكة السماوات، ومن شأن الصلاة الطهور، فقدس ظاهرًا وباطنًا قال: وقد رأيت في بعض المعاريج أن