كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)
مُبِين} [يس: 69] .
ولما حكى الله عنهم قولهم: {إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} [الفرقان: 4] سماهم الله تعالى كاذبين بقوله: {فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا} [الفرقان: 4] . وقال: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الفرقان: 6] .
ولما قالوا: يلقيه إليه شيطان قال الله تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِين} [الشعراء: 210] ، وما ينبغي لهم وما يستطيعون.
ولما تلا عليهم نبأ الأولين قال النضر بن الحارث {لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [الأنفال: 31] قال الله تعالى: تكذيبًا لهم: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: 88] .
__________
وذكر وعيدهم، بقوله: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [يس: 70] ، "ولما حكى الله عنهم قولهم: {إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ} كذب {افْتَرَاهُ} محمد {وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} من أهل الكتاب "سماهم الله تعالى كاذبين، بقوله: {فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا} [الفرقان: 4] ، كفرًا وكذبًا، أي: بهما، "وقال" ردًا لقولهم: {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان: 5] الآية، {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ} الغيب {فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 6] الآية، "ولما قالوا: "يلقيه إليه الشيطان"، قال الله تعالى: لهم {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِين} كما زعم المشركون أنه من قبيل ما يلقي الشياطين على الكهنة {وَمَا يَنْبَغِي} يصلح {لَهُمْ} أن ينزلوا به {وَمَا يَسْتَطِيعُون} [الشعراء: 210] الآية، ذلك أنهم عن السمع لكلام الملائكة لمعزولون، أي: محجوبون بالشهب "ولما تلا عليهم نبأ" خبر "الأولين" الآية، قال النضر بن الحارث"، الكافر، المقتول بعد بدر، المشتري لهو الحديث: {لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا} ؛ لأنه كان يأتي الحيرة يتجر، فيشتري كتب أخبار الأعاجم، ويحدث بها أهل مكة، ويقول: إن محمدًا يحدثكم أحاديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم حديث فارس والروم، فيستملحون حديثه، ويتركون استماع القرآن {إِنْ} ما {هَذَا} القرآن {إِلَّا أَسَاطِيرُ} أكاذيب {الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 83] .
"قال الله تعالى: تكذيبًا لهم {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ} في الفصاحة والبلاغة {لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} ولو كان بعضهم لبعض ظهير [الإسراء: 88] .