كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 8)
انخرقت في إبقاء الحياة انخرقت في دقع المشاق وحمل الآلام.
أجيب: بأنه ورد في حديث شق صدره: فأقبل وهو منقع اللون أو ممتقع، بالميم بدل النون، وهو يدل على أن الصبر على مشقة المعالجة المذكورة محقق. انتهى.
قال القاضي عياض: وأصل "انتقع" صار كلون النقع، والنقع الغبار، وهو شبيه بلون الأموات، وهذا يدل على غاية المشقة.
وأما قول ابن الجوزي: فشقه وما شقه عليه، فيحمل على أنه صبر صبر من لا يشق عليه. انتهى.
وكذلك الابتلاء أيضًا من حيث الشق، فإن ذلك وقع لنبينا -صلى الله عليه وسلم- بعيد ما
__________
وفي المصباح: المقتل الموضع الذي إذا أصيب لا يكاد صاحبه يسلم، والواقع للمصطفى أسباب تفضي إلى القتل، فلعل المقاتل في المصنف جمع: مقتل، بمعنى القتل، وأطلقه على سببه مجازًا، "فإن قلت: إنما يتحقق الصبر أن لو كانت هناك مشقة، فلعل العادة لما انخرقت في إبقاء الحياة"، أي: لم تؤثر إزالتها، بل استمرت بعدما يوجب إزالتها عادة، وفي نسخ في بقاء، وهي أظهر؛ لأن البقاء استمرار الحياة، وهو أثر الإبقاء، "انخرقت" أيضًا "في دفع المشاق وحمل الآلام"، فلا تتم المفاضلة المذكورة بينه وبين الذبح، "أجيب"، أي: أجاب ابن المنير، "بأنه ورد في حديث شق صدره" في بني سعد وهو صغير، "فأقبل، وهو منتقع اللون" بنون فوقية فقاف مفتوحة، أي: متغير، "أو ممتقع بالميم بدل النون" روايتان قاله ابن المنير.
قال الكسائي: انتقع مبنيا إذا تغير من حزن أو فزع، قال: وكذا ابتقع بالموحدة، وامتقع بالميم أجود، قاله الجوهري، أي: مبنيا للمفعول، صرح به المجد وغيره، وفي المصباح ما يفيد بناءه للفاعل، "وهو يدل على أن الصبر على مشقة المعالجة المذكورة محقق" فتتم المفاضلة. "انتهى: ما أجيب به.
"قال القاضي عياض: وأصل انتقع صار كلون النقع، والنقع الغبار، وهو شبيه بلون الأموات، وهذا يدل على غاية المشقة"، إذ لا يصير كلون الأموات إلا بعد مشقة شديدة، "وأما قول ابن الجوزي: فشقه وما شق عليه"، أي ما آلمه ذلك الشق، "فيحمل على أنه صبر صبر من لم يشق عليه"، ويحمل أيضًا على أنه ما شق عليه المشقة التي تحصل مثلها عادة من ذلك الفعل، فلا ينافي حصول مشقة دون المعتاد فنزلها منزلة العدم، "انتهى" كلام ابن المنير.